الأحد، 8 ديسمبر 2013

مشهد

على الخارطةِ التي أنبتتها رياحُنا الحُرة، جئنا مُقيدينَ بالوقت، بالشوقِ وبالحنين. لا يتذكرُ أحدٌ منّا ولادتهُ ولا كيفَ يمضي النهاياتِ العديدة. وكأننا نودُّ أن ننتهي في إعصارٍ أو في آخر مشهدٍ من مصيرِ الولادة. وهذهِ الأعوامُ تنقضُ من حولنا ، دونَ أن نشي بالحقيقة، دونَ أن نُغرقَ الأفراحَ التي تجعلُنا مُثقلينَ بالخيبة، مُغتربينَ بما نُريد أو لا نُريد. 

كدأبٍ إيقاعٍ على سُدةِ النهر، معزوفةٌ تزفُّ الخارجينَ من بوابةِ الحياةِ وحتى الفضاءِ الكبير، لستُ أدري أكانت نفسي قُضبانُ هذا الزمن؟ ، كلُّ ما أعرفهُ عن الأيامِ بأنها تفعل بي ما يحلو لها وما يطيبُ لها أن تكون، لستُ أنا الذي أُقاسمُ الأقدارَ شهوتها ، ولستُ أسألُ عن قدرٍ يكونُ أنا. 
كلما امتدَّ هذا الموجُ الغاضبُ تحتَ قدمي مضيتُ نحو قارعةِ المكان المُهيئُ لمشنقتي. أواجهُ الواقفينَ على المنصة. أردُّ التحيةَ كما أرى وأعلمُ أنه يغرقونَ في دوامةِ الأنا. لماذا يسألونني عن ذواتِهم، ولستُ أحملُ معي ذاتي؟! . ماذا يحدثُ لي أيتُها الأرضُ إن أكملت دورَ المسرحية، وأخبرتُهم بأني أمسك بيدي أحلامهم الكبرى. ماذا سيكونُ بعد ذلك؟. إنني أشعرُ بهذا الشبهُ القديمُ يشدُّ حولَ خاصرتي الظلام فهل على الأحياءِ أن يحترقوا ليخرجَ هذا الضوءُ لهم. من علمَ الهامشَ بأنه جزءٌ من النصوصِ التي تقطنُ على خارطةِ الوجود؟!. أهي الكلمات التي لا تحتمل المعاني كلُها؟ ، أهي العصافيرُ التي تقطعُ وجعَ الناي؟ ، أهي نحنُ التي تغارُ من كلِّ ما كان ، وما سيكونُ في الأمدِ البعيد؟. في هذهِ الأرضُ صدرُ فاتنةٍ يتسعُ لنبضِ الأسئلة، فأينَ الكليمُ الذي يملكُ الأجوبة؟ .

في كلِّ عصرٍ تموتُ أُحجيةٌ ، إلا عصرُ إبراهيم الذي بدأ النزالَ على التجربة، سيفُه الذي خرجَ ليقطعَ يدَهُ لا يزالُ معلقاً في دروبِ الحياة. ونارهُ الباردة لم تعد تخشى جلودَ الرجال. 


الظهران

٥ ديسمبر ٢٠١٣

الجمعة، 6 ديسمبر 2013