الخميس، 15 أكتوبر 2015

ستراسبورغ

ستراسبورغ

الثانية في منتصف الليل

جسدُ نادلةِ الليل أسخنُ من كوبِ قهوة / وربما أشهى

كأسٌ في آخر المقهى

رجلٌ وحيدٌ :

يقولُ القدرُ أنهُ يائسٌ

حوّلهُ الضوءُ يبدو كوطنٍ يلبسُ العتمةْ

ذكرياتٌ تفيضُ بالحربِ 

يتُذكرُ الجالسين في حطامِ الأبجدية.

عابرٌ يبتاعُ من حاملِ القناديل شُعلة

يَسّخَنُ في الشارعِ كل شيء

وتبقى إيحاءاتُ النادلةِ مُبهمةً / لزائرٍ أول

نهاياتُ آذار ، 

قمرٌ داكنٌ في سماءٍ بائسةْ

في الشارعِ امراةٌ تحمل بضائع المتجر

مثل قنبلةٍ حقيرةْ

تمرُّ ، توغل في الضوءِ الذي يغتالُ عتمتها.


انظرُ للساعةِ ..

أشغلُ من قدحِ الرجلِ المجاور سيجارةً أولى

وجعٌ واحدٌ لا زلتُ أرجوهُ من المكانْ

"أن تموتَ فوهةَ الزمن"

أُفكرُ في كلِّ ركنٍ 

من هُنالكَ؟

نيرودا يحررُ من حياتهِ شعراً :

لستُ شيوعيا ولكن القدرَ يسألني البكاءَ على الدمِّ المهدورْ

سلفادورٌ سيسقط ، آخرٌ في الطريقِ إلى الولادة

تُرى كيف يُآخي الشعرُ بين الغضبِ والشهوةْ ؟، 

أمضي ،

أذوّبُ في مقعدٍ جامدٍ،

 متسائلا

ما الذي فعلَ العابرون بنا؟

- يحولونَ هذا الوحي أسلحةً

قُبعاتُ المتفرجينَ في داخل المقهى

تمنعُ جسد الضوءِ عنهم ،

تُرى، 

ماذا يفعلونَ بهذا الأبدْ؟

قالوا:

مسيحٌ خائف يغتالُ ذاكرةَ الرؤى

ترّسمُهُ يدُّ الله للغيبِ

حواؤهُ طهرٌ .. 

والثمارُ تزلزلهْ


٩ آيار ٢٠١٥
الظهران


شجرٌ .. شمسٌ .. وأشياءَ أخرى

شجرٌ يتهادى،
شمسٌ تتبوأُ في شرفةَ النورِ
من هُنا ليطببَّ شهوةَ الروحِ إلى الأبجدية؟.
سفرٌ ، 
غضبٌ ، 
سهرٌ
هذه الدائرةُ التي تُسمى حياةً
ليسَ للقهرِ إلا اللغة
بعدما سمّوا السلاحَ "فرداً".
تلكَ الحياةُ التي تتأرجحُ بين الخُرافةِ والحقيقة
ألمٌ يطغى، وجعٌ يثورُ
خيالٌ يضمّدُ أضرحةَ التعبْ
أليس إلا الغضب؟
يبدو. أن البشرَ ليسَوا إلا دُمىً
 في وعاء يُقالُ لهُ الزمن.
والحُبُّ ، ماذا يُقالُ لهُ؟
متخْفٍ بين الظلامِ وبين الغسقْ
بين الصلاةِ وبين الورقْ
رسائلٌ ،مصاحفٌ ، كمٌّ من التيهِ، 
نظريةٌ أو قصيدةٌ ،
معلقٌ كالحبِّ بين الواقعِ 
واللاواقعية.
غربةٌ تبدأُ بالولادة ، يُقالُ لها الوطنْ
ويحملُها طفلٌ مُشرّدٌ في ضميرِ الكلامِ
تصعدُ ، تهبطُ .. 
كلُّ بلدةٍ أخرى يُقربها "السفر"
وليس ثمَّ هزيمةٌ تنهي شقاءً.
(فردوسٌ)
"نساءٌ مُعلقاتٍ من أثدائهنّ على الصراط
رجالٌ عراةٌ في مغبةِ الريحِ
عناكبٌ نصبتْ في كفوفِ الليّلِ بيتاً"
هكذا صوّروا الطريقَ إلى الجنة.
ماذا عن النارِ إذا؟

هنا عالمٌ يصرُّ على الطفولة رغم شيخوخةِ اللغة !
كافٌ
هاءٌ
عينٌ
صادٌ
ناقوسُ الكلماتِ يتفجرُ في جزيرةٍ ثكلى
كلماتٌ أُتمّت لتُهيئُ أعراسَ بابلِ
وأخرى لتسنَّ سيوفاً من القهرِ
وحدكْ ، لابُد أن تبقى
وحدكْ ، لا بُد أن تبقى
وحدكْ لا بُد أن تنتهي للموتِ أو القصيدةْ
ذلكَ القدرُ الذي يفضُّ بكارةَ الموتُ
ويسترقُ اللغة




الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

في النهايات

مطبقٌ خلفَ سكرتكَ البعيدةِ
صديقتُكَ تمسحُ من ذاكرةِ العابراتِ صورتكَ القديمة
بعد انتهاءِ الرقصِ، 

"في العشيةِ تبدو أوسماً" ، تقول لكْ
ليستْ تُبعدكَ المسافةُ / 
ليستْ تُقربُكَ الخطيئةُ
مهما ابتسمتْ في وجوهُ الحاضرينَ، سوف تُنسى.

مطبقٌ هذا الصمتُ فيكَ
كيفَ تُحررهُ الموسيقةُ من طيشكَ المتناهي،
من سجنكَ المحفورِ فوق أزمنةِ الوقتِ؟ 
تتلو جدارَ الغربةِ ، مأخوذاً
تُمرُّ أفكاركَ مثلُ طيفٍ
"هذي المدينةُ التي تقيمُ في المهبطِ
ليسَ من شهوةٍ للصعودِ فيها"

عيناكَ تبدوّ من الحُبِّ جائعةً
أنتَ الذي يرشدُ مقلتيها
وأنتَ الذي يحملُ ذاكرةً ثكلى من الريحِ
، كي تعيشَ ..
 ليسَ إلا

الظهران 
٧ أكتوبر ٢٠١٥