الخميس، 30 يناير 2014

وداع القيامة

للمغادرين من هذهِ الحياة بهدوءٍ قاتم، ليس هدوءً يعرفونه ولكن الضجيج حولهم يشيعهم بصمت. 
تذكرت يوم ١٠ فبراير ٢٠١١ عندما ثارت مصر الأولى ، بلادُ رمسيس الذي كتب أول خطوط السلام ، في ذات اللحظات غادر الفريق سعد الشاذلي قائد حرب أكتوبر والذي خرج بعد ذلك شريداً متمرداً في الأقطار دونَ أن يُخلف من ورائهِ ضجيجا يُشبهه إلا أبياتُ شوقي:

اخترت يومَ الهولِ يومَ وداعِ
ونعاكَ في عصفِ الرياح الناعي
هتفَ النعاةُ ضحى فأوصدَ دونهم
جرحُ الرئيسِ منافذَ الأسماعِ
من ماتَ في يومِ القيامةِ لم يجدْ
قدماً تُشيعُ أو حفاوة ساعي

الظهران ٣٠ يناير ٢٠١٤

الخميس، 16 يناير 2014

مُجابهة

يبحثُ عن كلماتهِ ثمَّ يُلقي بها على مسمعيها ، هكذا يُختصرُ الكونَ في حديثٍ بين غريبين. كان الغريبُ يدفعُ عُمرهُ للوقوفِ على وطنٍ تكونُ الغريبةُ فيه ، هكذا تبدو الحياةُ صعبة في قصاصات الورق الصغيرة.

يوجدُ في الطرقات القليلُ من الأمل، هكذا يقول ثم يتركُ نار الجموحِ تشعلُ أسفل رأسه، في مثل هذهِ الأوطانِ لا شيءَ أقرب من المنفى. كلمّا اقتربت قدماكَ من النزول سيجهشُ الموجُ بخيالهِ ثم يُبعدُها هكذا تبدو الصورة في خيالات الغريب.

في مكانٍ تلفظُ الأرواحُ نشوتها الأخيرة ، يكونُ لكلِ شيءٍ قدرٌ يُفسرُ خيبته، ربما يأتي الحُبُّ على سطوةِ الألم، ويشبههُ كثيراً يتحركُ في محيطهِ المُغلق. لا يُفرقُ هذا الفتى بين لعثمةِ الحبِّ والخوف، جميعها تحضر في كل وقتٍ وآن. بين أن تقول "أُحبك" و "لا" شعرةٌ لا تُرى هكذا بُكتبُ على جدران الوطن ، ويُكتبُ في صحائفٍ لا تُرى إنما يبدأُ عصرَّ الفتى إذ قالَ لا فكيفَ إذا أحب! .

يُحبها دونَ أن يُفرقَ بين الجوعِ والوجع، دونَ أن يعرف كيف يُشاءُ للموتِ أن يقبض روحه حيةً ويتركها في جسدٍ غريب. أين يجدُ السبيل الذي يقرأهُ المُترفونَ في نزقِ الحياة. هذهِ بلادٌ لا يُميزها ، وهذا حنينٌ ليسَ لهُ أمدٌ يبعثُ الحكمة. عامرةً بفوضاهُ هذهِ المدينة، لا شيءَ يُجبرها على الانتظارِ سوى بلبلتهِ وقُبلاتهِ الموقوتة.

لا ثمنَ ستدفعهُ هُنا إذا لم تكن من جنسِ الذين يرون النهايات دون أن يعرفوا لها سبيلاً، ربما تصفعُ يدُّ القدرِ شيئاً يُحركُ أثقالَ هذا الإنتظار، كلمةٌ واحدة لا تكفي حتى وإن قيلت، هذا الخليجُ يسبحُ للرحيل إلى لا شيءَ إلا الأسى. يسألُ جنونه عن أسبابِ هذا الضجيج، لكنهُ لا يجيب ، من قالَ لكَ أيها الفتى أن القلوبَ لها ألسنة؟! ..


المدينة النبوية

١٦ يناير ٢٠١٤