الأربعاء، 20 مارس 2013

حيّاد

كما جرت الفطرة فإن الأشياءَ بفطرتها تلتصقُ بالمنتصف مهما ارتمت أطرافها على جنبات الإنحياز ، ولكن يبقى السؤال إلى متىٰ ؟

ينفتحُ الصراعُ على مصراعيهِ لتبقى أفئدتُنا معلقةٌ على الصراط الفطري ولتبقى عُقولنا على شعثِ الاحتمال والبقاء ولكن سرعانَ ما يُداهمنا هذا الفضاءُ ويمتحن خطوتنا نحو الاستقامة فيأخُذنا إلى حلبات النضالِ المُر أو إلى غياهب الحذرِ والضلال يأخدُ منّا كل شيء لا يترُكُ لنا أي شيء حتى ذلك الصمت الذي وُلد قبل أن يحيّن وجودنا فنبقى مُعلقينَ على جسرِ الرياحِ نؤنسُ العربات التي تفرُ في كلا الاتجاهين! . تبدأُ أقدامنا بالمراوحة فترتفعُ أصواتنا ويزدادُ حجمَ الاستبداد الذي تتلقاهُ حناجرنا الضئيلة ، فتأتي قُلوبنا محملةً بالشكوىٰ لتُنقذَ ما تبقى من أنينِ الحناجر فتتلطخُ أفئدتنا بدماءِ العِداءِ والإنحياز ، فإما أن تُصبحَ هشيماً تذروه الرياح فيستفردُ بنا الاستسلام وإما أن تحول هذهِ الدماءُ قلوبنا إلى ساحاتٍ من الضغينةِ تُغطي جوهر العقلِ وفلذات التأمل !

ويبقىٰ السُؤال كم منْ الموتِ والبعثِ يلزمُنا لكي نتصور أنفسنا طيوراً لا يُعكرُ تحليقها وهجُ الرياحِ الضال ، فتسموّ بجناحينِ منْ صمتٍ وعمل !


جدة
٢٠ مارس ٢٠١٣

الاثنين، 18 مارس 2013

تناصّ ..

حينَّ تصيرينَ جرحاً متوهجاً
يضيءُ مآربَ الرؤياً
وحينَ تمضينَ على الرملِ
تتفتحُ ألوانُ الملوحةْ
فيمتدُ البحرُ حتىٰ يرتوي عطشَ الجزيرةْ

يدخُلُ النارُ في أعماقِهِ
تذوبُ مساربُ الأملِ
فتسريحُ الشوارعُ فوقَ الطريقِ القديمِ
على قارعةِ الخصوبةْ
وينتابُها عتمٌ ليليُّ فتُخرج
منْ سنامِ البحرِ شهوتها الأخيرةْ

الرؤىٰ والمدائنُ
صوتٌ غامضٌ للتيهْ
والرُقىٰ تمتماتُ غزلٍ عذريِّ
تقيّحَ لللطفولةْ
ها هُنا انتحبتْ قُوامُ الوجدِ عندَ ناصيةِ المجونْ
فأناخها قمرٌ سماويّ
لونهُ طقسٌ جامحٌ .. وظهيرةْ


جدة
٢٨ فبراير ٢٠١٣

نصْفين ..

جاء الموجُ يقسمُ وجهَ البحرِ نصفينْ
نصفٌ تأولَّ بالتقاطِ التيهِ من علقِ الخريطةْ
ونصفٌ آخرٌ
مدغمٌ بالاحتمالِ وجنونِ العذارىٰ !
وقفتْ قِلاعُ المارقينَ على البحورِ
تعصرُ أطفالَ الديانةِ الحمراءْ
والتحفَ النهرُ بأعراضِ الخبيئةْ
هذا وجومُ العُراةِ يأكلُ قامةَ التيهِ
وينفردُ بآياتِ النبوءةْ
منْ قالَ أن النورَ رجسٌ
وأنّ أحشاءِ النهرِ عُرضةٌ للصمتِ والاحتمالْ !


المدينة النبوية
١ مارس ٢٠١٣

لسيّدة

لسيدةِ الحنينْ ، وللقهوةِ المرّةِ
لتمائمِ الفرحِ في عينِ المآذنْ
للجوعِ والمعنىٰ
للأُمنياتِ والمُدنِ الرفيقة
وهبَّ الصباحُ يدهُ
لقافلةِ السكينةْ
لمْ يأتِهِ الأبنوسُ مفتعلُ
ولكنْ جاءتهُ أقنعةُ الحقيقةْ
جاءتُهُ موسيقىٰ
تذوبُ في الأغصانِ جاءتْ
من علّقِ الزمانِ جاءتْ
ومنْ أروقةِ الخليقةْ
أدخلهُ الدجىٰ
كلَ حُلمٍ شاهقٍ
فتقطرتْ أحشاؤهُ ضيقا
فلا ليلٌ أهمّ بهِ
ولا صُبحٌ تمطىٰ صُلبهُ
أو بلّ ريقه !

جدة
٤ مارس ٢٠١٣

تمّتمات

(عامٌ أولْ)
الشوارعُ تلفظُ أنفاسها الأولىٰ
الصوتُ يحرقُ الصورةْ
الزنادُ مصلوبٌ على رأسِ الغناءِ والشكوىٰ
يلفظُ العاشقُ تنهيدةَ اللقاءِ
فيُباغتهُ الموتُ والوجعُ الأخيرْ


(عامٌ آخر)
دمشقُ تنّزعُ مُصلاً آخرْ
الأعرافُ تبتلعُ الجزيرةْ
جاءتْ صلواتُ رُكْعِ التلِّ علىٰ آخرِ النورِ
فوقَ عِمامةِ التاجرِ النخليّ
الذي وأدَ الخصوبةْ

(عامٌ أخيرْ)
الحجرُ يسقطُ منْ مرتقاهُ
الصيفُ يشتدُ على نهرِ الخبيئةِ الزرقاءْ
الشجرُ يداعبُ جذّعهُ الريميّ
ويجريّ لمنتهاه.



جدة
١٨ مارس ٢٠١٣

الأربعاء، 6 مارس 2013

لا شيءَ يسقُطُ مرتينْ

متى يسقطُ التكلّفُ في جعبةِ الكلمات ، ويندثرُ الغموضُ في سطورِ الابتسامة!


ابتسمُ كلما مرّ الرحيقُ الدافئُ في وصالِ الأزمنةْ ، ابتسمْ ، ثم أكتبُ الكلماتَ مبهمة وألوثُ مرآةَ الحقيقة أو أكاد!


ما ضرنيّ بو كتبتُ ابتسامةَ الذكرىٰ في يميني القريب ، وقلتُ ليّ وقلتُ لها أنني أُحبُ أن أمرَّ بشارعِ الوقتِ كي تلمحُني أصابعُها القديرة '


ماضرمي لو قبلتُ يدَّ الصورةِ التي رسمتْ مُشكاةَ بحريّ على شُطآنها الدافئة ، وامتشقتْ حروفَ الجوعِ من فمي !


إني أُباعدُ بين الرؤىٰ لأحلُمَ بالإنكسارِ بينَ اشتهاءاتِ الطبيعة ، وأقول للمدىٰ أنني اشتقتُ إلى أن ينكسر الماءُ في إنائِنا المتثلمْ !


الكبرياءُ والجوعُ ولغةُ الشاهقينَ أشياءٌ ابتدعها الخيالُ لتنبيّ جدرانَ الخضوعِ إلى الذكريات ، دونَ أن نمسَ رياحُ الشقيقةِ والصداع الأزليّ


برلين

٦ مارس ٢٠١٣