الخميس، 20 سبتمبر 2012

عيدٌ ووطن ..

ليلةٌ ظلماء نشجو بها بألحان الوطن الذي تركناه في صدفات الخليج، وقفنا على أطلالِ الجبال ودموع الرجاء وكل قطعة نكسوها من ثيابنا البيض حلةً فتسألنا حينَ رحيلها أين الدليل؟، يُسافر الموج في هذا الخليج مرتجلاً نسيم المشرقين وغروب الأمل ذهاباً وأياباً، يأتي في كل مرة بقطرات جديدة من الماء لا ترثُ من ماضيها سوى الصبر كما علمناه.

قبل أن تسألني عن السماء وكيف كانت ، سأُخبرك بأني لم انظر للسماء، بلى! قد نظرتُ ولكنها نظرةٌ على استحياء، ففي السماء سُهيل الذي نسيناه ومن حللِّ الظلام ألبسناه، هكذا نفعلُ بكل شاهد لابد وأن نغمرُ صوته في الهلاك إلا أنت ياسُهيل، لست إلا شاهداً حُرا أعجزنا فتناسيناه، قل ليّ أو لا تقل ، فالتاريخُ يأبى إلا بما كتبناه وأرضعنا منه القلوب حتى انفلقت عيون هذه الصحراء..
قم أيها الغفير واسكب غطاءك على مقلتين السماء ، قبل أن تكشف سر الشعوب الدفين وجهرَ البشير المُغيب في ساحات المنفى ، أخبر من يلينا بأننا مشينا من هنا مُتوسدين الرجاء ، راثين للأمل ، مبتهلين للآه ، حافظين للصبر .. بل كاتبينَ للمنى في كل صباح في أول صفحات الجريدة ، التي نبتاعُ أوراقها لنُعزي الأمس ونبدأ رحلة اليوم متأملين ابتسامة ذاك الأجير الذي لبس ثوبهُ من ماء قلوبنا وعرقِ أيدينا، وابتاع من جلودنا يداً صارت تُسمى بالكريمة ..


قم أيها المدعو فأنذر قلوبنا بالمنام ، وامضي على أبواب سجوننا ملوحاً بالصبر ، وأَلبس هؤلاء الأحرار رداءً من حرير يضمدُ جراح الشرف ، اكتب في مذكرات كلٍ منهم بأن الصمتَ حكمة وبِأنّ الخوف نعمة ، فالخوف لا معنى لهُ إذا لم يخرج من بطن هذا الخليج ، سأستأذنك الآن بالرحيل إلى الرحيل فها هو البشير قد أطرق في مآذننا صوت الحيّ وانضوى فجرُ الإله ..

الظهران-الكويت
٢٠ سبتمبر ٢٠١٢

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

ميلاد للنسيان

ميلاد للنسيان
وساحةٌ للوقوف
من يُهني النهاية ..
من يستبحْ عِرضَ الرفوف
حين ينطفئُ القمر
ويُضيءُ عزمُ الحمى
اسكبْ فؤادَ الذكرى في حيِّ الكرى
وابتلع غصَّ الحروف ..

يصحو بداخلكَ الليل
ويذيبُ صوتُ النساء عليك
شحوبَ هذا اللظىٰ
من يُقاسمني هذا العام
وينسابُ كقطرةٍ ذريةٍ للوفاء
ليُسقي ذريع الشقاء
ويُوقفُ ظمأَ الحروف ..

ذاكَ الأثيرُ البابلي
كمّ كان يَحلمُ بالرؤى
ويتدارسُ صبرَ الخلود
كانَ يُمني النفسَ باللقاء
ويستثيرُ بُكاءَ الجمود
يُرتبُ أسرار الدجىٰ بالعِشاء
ليخلُّقَ صمتاً للوقوف
ليسَ إلا الوقوف ....

الظهران
١١ سبتمبر ٢٠١٢

ميلاد

هكذا هي السنوات تمُر سِراعاً..لا يتذكرُ الأصدقاءُ ميلادُنا..لذا وحده الأنينُ الذي يسود حين ينقصُ عاماً من أعوامنا
فكلُ عامٍ ستنقُص أيها العمر

كيف لنا أن نتحدث بيوم الميلاد وقال أبا الحسن يومَ مضت به الأعوام:
أعدُ الزاد من تقوى فإني
رأيتُ منيّتي السّفرَ البعيدا
وعندما نُهنئ أحدهم بعيد ميلاده يتبادر قول مالكَ :
يقولون لا تبعُد وهم يدفنونني
وأين مكان البعدُ إلا مكانيا

إنهُ المكانُ واللامُستقر إنهُ السفرُ والشوقُ والرجاء ،
فكلُ هذا العمرُ بطاقات .. نهديها للبشر على عجل أو نكتُبها بإتئاد للزهر للموج والسماء .. كيف النظرُ إلى القمر في ليلةِ الميلاد .. هل يشعرُ بنا أمّ أنه يستتر بسحاب الغمام ويُردد لستَ أول من يبيعَ عُمره فقد مضى قبلك البشر كيف النظرُ إلى القمر في ليلةِ الميلاد ،تبتسمُ فيتمعرُ بعدها وجهك الذي لا يقاومُ ضغط الوجود ، لست أقوى من الحجر ، ولستَ أرفقُ من الماء ، فأنت جمةٌ يسكُنها الضجر ، ويدوسها البشر، تُدونُ الأيامَ على شفا مراجفها الأنين،يغتالها الحنين،ويصلبُ قوامُها
الوغى،من أين أتيتَ بوجنتاك التي علقهما الشقاء، صرختُ به فقلت : إليك عني أيها القمر ألست تهوى الغياب وتنفُرُ من السراب، ألست تسترُ بأُنثى السحاب ، وتفركُ الصدورَ بالشوق والشقاء فأجابَ : كلا ولكن هُنا تقديرُ ربكُ الوهاب الذي امطرني بالليل ووارى سوءاتي بالنجوم، وإني آثرتُ الإنصياع، وأطعمتُ من نوري الجياع قاطعتُهُ : أيها القمر لا تُكرر حديث البشر، فتصبحَ جلاداً للقلوب،لواماً للجياد فإنك تسيرُ لمستقركَ بخشوع ونحنُ نكابر هذا الخضوع ، فلا تعجل لسانك بالعذال، وأنتَ حِلٌ للسؤال دون الجواب فاصمت حتى يكتب لنا الرحمنُ في جنتهِ موعداً حينها ينفضُ الجدال ..


دعني أفيقُ من الجوعِ ظهراً ومن الخوفِ ظهراً ، ومن الشقاء يوماً .. لكن ليسَ هذا المساء فقط ذاك المساء


الظهران ١١ سبتمبر ٢٠١٢

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

سُبات

صحىٰ من سُباتِ السكون
واخرجَ كأسَهْ
استقبلَ قِبلةَ الصمت
وكانَ السوادُ لباسَهْ
مضى حاملاً في كفوفهِ النار
تجرَّ الموتَ أنفاسه ..


صحىٰ من غفلةِ النسيان
انكرَ السلوانُ قلبهْ
وشاخَ العمى في ناظِريهْ
هذا وطنٌ للجراحْ
وهذا مُستقرٌ للهروب
يهذي به الشحوب
وينتحرُ النسيمُ عند ركبتيه


صحىٰ من سُباتِ الجحيم
يئِنُ تحتَ هذا الركام
يغفو فوقَ وسادةِ الخوف
ويستجدي بعدما علّكَ الصبا
صوت الساقي والزحام

صحىٰ من ضجيجِ الموت
عادَ من ظلمةِ الحوت
فانكرَ تسبيحهْ
هنا عرفتهُ النساء، هنا انكرهُ الرجاء
وانطفأت مصابيحه


الظهران ٣ سبتمبر ٢٠١٢