السبت، 24 ديسمبر 2011

بوح من القدر

عندما لاتتستطيع البوح وتغلب عليك عتمة الواقع وتجادل النفس إيمانها بخالقها ...حتى وإن كنت في ريعان الشباب فسوف تشعر بأنك كهل تهش على القدر بعصاك كون أنك لاتراه ولكنه يراك ..

لا يستطيع أن يمدني الخيال بالمستقبل العذب ولا بتلك الأساطير عندما أتذكرك يا زميلي العزيز .. اليوم أنا من بعدك ونحن من بعدك فقط ننظر إلى أنفسنا بذلك الصبر ونتذكر ابتساماتك ولمساتك وهمساتك وعنفوان حماسك كأنك لازلت تشاطرنا العبور إلى السرعة القصوى .. صدقني لا أملك إلا الدعاء ولن يبخل به إلا من في غنى عنه والحقيقة ليس هناك من بغنى عن رحمة رب العالمين وعفوه .. كنت زهرة معطره لم تذبل بعد أشعر بسنى ريحانها حتى اللحظات لا تخف ياصديقي فما في الدنيا ليس بأكثر رحمة وعفو من مالك الدنيا .. شاطرت القدر الموعظه ودبيت في أعيينا بريق الصحوه فكنا منهمكين في دنيانا وكما تعودنا بجانبك على الجد والإجتهاد فارقتنا وبقيت تلك البسمه ليس إلا لتعطر أجواء الحزن وأحملها بذاكرتي المبهمه بالحاضر أمنيه وحيده قد تزفني إليك هي تلك الرحمه والمغفره إلا أن نلتقي بجنات النعيم فاللهم أصلح ظاهرنا وباطننا واغفرلنا وارحمنا وارحمه ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب من الدنس الأبيض يارحمان يارحيم ..


رحم الله زميلنا أسامه أبو الثريا واسكنه فسيح جناته وانزل على أهله السكينة والصبر والسلوان فقد كان مفعم بالحيويه والجد والذكاء ووجه مشرف بمرتبة شرف دراسيه وأخلاقيه وإنسانية وتذكروا دائما إن كان الدنيا جنة فالآخره بجوار رب الجنان

لاتسرعوا لأنفسكم فالحياة أغلى من مخالفات ساهر

النايف

يوم تركتُ الصلاة

"السرّ في الصلاة أنها لا تغير العالم. الصلاة تغيرنا نحن.. ونحن نغير العالم."


.. كنتُ شابا صغيرا، وكانت التياراتُ تلاحقنا في كل مكان، في كل كتاب، في كل نقاش، كانت أيام الثانوية أصعب أيام، وهي أيام الشك والحيرة، والضياع والزوغان بين مدارس الفكر الوضعي، وأخذتني المدارس واستلهمت كبار مفكري العالم، فانقطعت مدة طويلة متبتلا بالفكر الألماني، ومع أني أقرأ من صغري بالإنجليزية، إلا أن تراجم الإنجليز لجوته، وتشيلر، وكانت، ونيتشه، وريلكه، أخذت بلبي، ثم تعرفت على شبنهاور فصقل فكر نيتشه في رأسي عن عنفوان القوة، وعدل البأس والجبروت، وكأنه دين يُبَشـّر به، أخذني نيتشه إلى مسوغاته، ومبرراته الصعبة التي كانت بمشقة تسلق جبال بافاريا، وكانت القمة هي ما أسماه مصطلحا "بالإرادة العلـّية"، ثم قذفني إلى شواطئ برتراند الرسل المتصوف المادي الرياضي، وهـُمْتُ بعد ذاك بمدارس الفابية مع برناردشو في شقـِّهِ الجاد، وتبتلتُ مع إنجلز.. وأخذ الفكرُ يجرفني تماما وبعيدا عن الروح المتصلة بالسماء، حيث اليقين كل شيء، حيث الإيمان هو الشمس التي تسطع من بعيد، ولكنها أقرب لك من أي عنصر في الكون، لأنها طاقة الوجود، فضعت كثيرا، وتجبرت بما سفحت من معلومات وكتب وظننت أني في تلك السن الباكرة قد جمعتُ سحرَ العلوم، وكأني خيميائي المعرفة.. ولم أعد أقرأ الكتبَ التي كنت أتوسدها في السابق حتى يغالبني النوم من أمهات الثقافة الدينية في التفسير والفقه الحديث، والأدب العربي.. ونفضتُ عني ما حسبت وقتها أنه عالمٌ عتيقٌ مليءٌ بغبار الغابر من التاريخ المعتم، إلى معارف تُشرق فيها أنوارُ العقل الإنساني متوهجا سواء في التاريخ أو المعاصر.
.. ثم تركتُ الصلاة.


وكان مدرسي, يرحمه الله, في اللغة العربية رجل من غزة متدين، وقويم الفكر، ويؤثرني لميلي إلى الاطلاع، ولظهوري في اللغة، ثم توطدتْ بيننا صداقةٌ غير صفيّة، حتى انتزعتني أفكار الوجودية،والتي كانت أول مزالقي نحو كل الفلسفات، وصار يقف ضد هذا التوجه ويحذرني كثيرا، ويقول لي لستَ في سنٍّ تحكم فيها على العالم، ولا على معارف أمتك ولا أمم الآخرين.. ارجع إلى منبعك وانهل منه، وتقو، ثم رِدْ من كل منهل، وستجد أنك ستتذوقه وتعرف مكوناته، ولكن لن تدخله جوفك لأن ذائقتك المعرفية المتينة من بنيان تشربك المعرفي لدينك وثقافتك ستمنعك من ذاك.. ولكني تماديت، وشعرت أنّ موجة مشرقة أخذتني منه بعيدا تاركا له كل بحار الظلام..

 
وأنا في طريقي المادي الجديد، بدأت في سن السابعة عشرة أكتب لمجلة "الجمهور" اللبنانية، وكانوا يحسبوني شخصا كبيرا في بلادي  ويخاطبوني كما يخاطبون الكبار، وتـُرسل لي تحويلات النقد، ثم صرتُ أكتب في مجلةٍ إنجليزيةٍ تصدر من البحرين، ودار اسمي تحت اسم المفكر المتحرر. وكانت كتاباتي تنضح عما في داخلي من معلومات وكتبٍ سفحتها سنوات لا أرفع رأسي من متن كتابٍ إلا إلى آخر، فأغوتني علوم الفلك والإنسان، والحفريات التاريخية، والطب، والجغرافيا.. وكنت أقرأ لعلماء أتأكد من كونهم غير روحانيين.. حتى لا يشوشوا علي بأفكار لا تثبت بالاستدلال المادي.. وانفتحت أمامي المجلاتُ والصحف، وصرت أكتب وأنا في الثانوية بغزارةٍ لمجلات وجرائد في لبنان, الكويت، إيران، البحرين، وأمريكا.. وانفتنتُ بنفسي.. وأرى أستاذي، وأكاد أطل عليه بمكابرةٍ من علٍ.
 
"لماذا لم تعد تصلي؟" سألني أستاذي بحدة عميقة، فأجبته: "وهل تغير الصلاةُ العالم؟" فأجابني إجابة طيرت عقلي، وخلخلت أركانَ نفسي التي ظننت أنها مكينة.. "نعم الصلاة لا تغير العالم، ولكنها تغيرنا فنغير نحن العالم".. ولكني صارعت أثر الجملة المريعة.. ومضيت في غيِّي.
مرت سنوات، عدت للمنزل.. وكان بيتنا لا مهادنة فيه بالنسبة للصلاة وفي المسجد، كان أبي يجعل من خروجه للمسجد طقسا ضوئيا، ووالدتي توقظنا للصلاة قبل أن يصدح الأذان.. جرْجرتُ نفسي وعدتُ للصلاة، ولكن مكابرتي كانت في الداخل. ..
..ويوماً مرضتُ.. وقال لي الطبيب:" آسف يا نجيب، ستموت لا محالة بعد تسعة أشهر"..
كنت في مدينة تاكوما الساحلية بأمريكا، ورحتُ وحيدا إلى تلة خضراء، ورأيت المحيط الجبّارَ شاسعا أمامي.. ولا شيء إلا أنا والسماء والماء.. والموت، والحياة. وسألت نفسي هل أغيرُ شيئا؟". ورحت متأملا، والدموع تنفر فتغطي شساعة المحيط بسرابيةٍ مهيبةٍ مبهمة.. وفجأة، قفزت تلك العبارة إلى رأسي: " الصلاة تغيرنا، ونحن نغير العالم".. وبسرعة ذهبت إلى حيث أقيم وأبرقت لأستاذي تلك الجملة بلا مقدمات ولا خواتيم.. وردّ علي. " لقد استردك الله.. عش مطمئنا."


أعظم صلاة أخذت بمجامعي كانت على ساحل الأطلسي في تاكوما الأمريكية.. وعرفت أن الله حق.. وعرفت ما معنى الحق.. وأن معناه النهائي في السماء لا في الأرض..
ولم أمُتْ.. حتى الآن


أستاذي باسم الروحانيه / نجيب الزامل

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

هدية رجعية

يحكى أن أحد الأشخاص أراد أن يهدي صديقه هدية قيمة بعد معاتبة الأخير له فقام بإهدائه صندوق مليء بالهدايا وبعد أسبوعين أتصل بصديقه وأخبره أنه يحتاج ذلك القلم الذي في الصندوق فواق أن يرده من باب الحياء ..

أسبوع آخر ويتصل الصديق مرة أخرى ويطلب ذلك العطر الذي كان متواجدا في الصندوق ! ... السؤال هل بما إن عذرية الهدية انكسرت والمثل المصري يقول الي تكسر مايتصلحشي؟! .. كيف يمكن أن يكمل هذان الصديقان علاقتهم التي تحولت إلى أحد عجائب الدنيا!..
لايمكن أن تكون هذه القصة واقعية في ظل هذه العلاقة الحميمه بين صديقين فالهدية لاتتطلب أن تمر بوزير مالية وأمير وسفير ووزير لتص فارغة إن سميت بعد ذلك هدية ولكن للناس فيما يهدون مآرب ولكن ماذا لو كانت القضية تتمحور عند أحد الحقوق المتطلبة لأحد الصديقين؟ ... ماعلينا الأهم أنه ليس لدي رئيس تحرير أخاف على مستقبله ولو أنني سأوقف نزيف الحقائق فهي ليست مرغوبه من قبل البعض وذلك سيوتر العلاقات بيني وبين أبي نواس عندما قال:
ألا فاسقِني خمراً، وقل لي: هيَ الخمرُ      ولا تسقني سرّاً إذا أمــــكن الجــهرُ 
فما العيْشُ إلاّ سكرَة ٌ بعد ســــــــكرة ٍ       فإن طال هذا عندَهُ قَـصُــرَ الـدهــرُ 

وهي القاعده التي أتبعها صاحب الهدية فهو لا يريد أن يسمع أنه بخيل ولايريد أن تخبره بأن أحد أجزاء جسمه ينزف فذلك يؤرقه وكل مايريد أن يسمعه أنه يملك جسدا في غاية الجمال حتى ذلك الجزء الذي تركه يغرق في المطر ولو استطاع لحجب الشمس التي تزعج ناظريه رغم أنه يملك نظارة شمسية ثمينه جدا سعرها يفوق سعر الهديه بعشرات المرات! ولكن .. الله يبارك له 

و ماالغَبْـــــــنُ إلاّ أن تـرَانيَ صـاحِـيا       و ما الغُنْـمُ إلا أن يُتَـعْـتعني الســكْرُ 
فَبُحْ باسْمِ من تهوى ودعني من الكنى       فلا خيرَ في اللذّاتِ من دونها سِــتْر 


بقلمي / نايف

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

مسار موحد

في كل مراحل تكون الشعب السعودي تجد أن هناك تعصب واضح يتعدد بالأشكال ويتحد في المعنى ..طال الزمان أم قصر سواء ذلك الملتف بالجسد ,العرف, العرق , الفكر ,النظر أو حتى الحب .. سألني ذات مره أحد الأصدقاء المصاب بعمى الألوان شفاه الله ما لون سيارتي فأخبرته بأن لونها أخضر فقال لي ولماذا سمي هذا اللون أخضر فأنا لا أراه كذلك ولكنني حفظت أن هذا اللون هو الأخضر وأنا أراه أصفرا ! ..

أتمنى من القارىء أن لا يشعر بحزازية من ذكر اللون الأخضر وأن يسامح صديقي فهي عينه ولا أستطيع تغييرها على كل حال ! .. تلك هي العقول ترى الأشياء كما تحملها الإرادة على ذلك فيستحيل أن تقنع المعشوق ببشاعة معشوقته وإن كان لونها أخضر! .. أو تحاول إقناع شخص بجمال عدوه وإن كان لون عدوه أحمر كلون الورد المتفتح في سماء صحو .. في إعتقادي أن هذا في قمة البساطة ولكن المصيبة الأعظم أنك لن تستطيع إقناعه بأن خياراته لاتناسبك أو تتفق مع تركيبتك البنائية لو اعتبرنا أننا أشخاص مصنوعين من طوب متراكم قد غرس فيه البناء كل ما يريد ولفشله في إعداد الخلطة الإسمنتيه ولمداراة ذلك وبعد محاولات ضرب الإبر المهدئة والدبلات المروضه يبدولي يريد أن يدمر تلك التركيبة قبل أن تسقط عليه ! ..

لاتقلق فإنك لن تستطيع الخلاص حتى تطلق تلك الإبتسامه وتدعو أن يمر الوقت وأنت بأفضل حال.

بقلمي / نايف

نعم .. لا أريد النظر

عندما انطلقت تكبيرات الإمساك لصيام يوم عاشوراء لم أكن وحدي ذلك الذي يلمس قطرات الماء بكل ماوهب من حاسة الذوق حتى لاتعتريه الفهيقه وهو يتابع أحد المشاهد في نشرة الأخبار أو لسماع تكلفة أحد المشاريع الوهمية  ؟! ولكن قد أكون الوحيد الذي يفكر ! كم أنا ووطني نخوض غمار الحرب التي لانرى غير أنفسنا فيها أعداء ؟
نظرة للمشرق تحمل الكثير من الإبهام الذي طالما كان مشروع جهنمي معتبر فقد كفاه الدهر إنكسارا .. نظرة للمغرب سنجد فيها ذلك الصخب المصور في صورة مضمرة لا تعي ماتملك وكيف ملكت تلك المفاتيح التي طالما كانت بداخلها لاتعمل اليوم كل المفاتيح تعمل ولكن أيها الأسلم؟
قلت في مهجتي لا لن أنظر إلى الشمال فأحن لتلك النزعة العنفوانيه والنظرة العدوانية فتنهرني للبكاء فالدموع ليست عشق لسفاح الشام ولكن كم من الدماء يشفي غليله! .. لست مخولا أن أنظر إلى الجنوب فهناك عداد من الرماح تصوب ومن السيوف التي تسل ولم أعد بعد مقاتلا مغوارا فلم أمشي في تلك الشوارع وهلة ولم يقابلني قاطع طريق من قبل! .. الآن سوف يظن أحدهم أني أعيش في نعيم الخليج وأملك بئرا من الذهب الأسود! احذر فكل مافي الأمر أن شعبي هو من صنع أمنه ومجده وأكثرنا لايعرف سعر برميل النفط منذ أن أكتشف .. نحن كل يوم نبحث عن الحق وعن تفادي عقبات الطريق والطرق المثلى لتفادي الحفر لأن تأمين مركباتنا لايضمن لنا إصلاح الإيطارات المنحرفة بسبب الشوارع المبطنه بالعقبات ! مانفعله هو أن نعمل ونأكل ونتراشق في أحد مواقع التواصل الإجتماعي مهما وصلت درجات الوعي لدينا ..

حتى أننا ياعزيزي القارىء لانعرف الطقس لدينا فنمنع الدراسة يوما تحسبا أن تأتي الأمطار فتهلكنا وتنسى هيئة الأرصاد أن لدينا أكثر من ثلاث مناطق! .. ولكن لاتخف تلك الثلاثه فقط هي التي يسكنها سعر البرميل!

بقلمي / نايف