السبت، 5 ديسمبر 2015

كتابةٌ للرضا

هل تكتب لأن تصنعَ عالماً يُرضيكَ؟ ، قال 
لماذا إذا تخافُ من الهاوية التي تصنعها بينك وبين الوجود؟. 
خُطاكَ لا تظهرُ في الفراغِ، فلما العبورُ إذاً نحو هذا السقوطِ فيما يُسمى حقيقةَ ؟ 
قدمُكَ أثقلُ من خطاكَ ،
 لكنّ هذا المدى يدفعُك إلى التهلكة
لا فائدةَ .. من أن تقفَ وحدكَ على الضفةِ الأخرى
تلوحُ للعابرينَ والعابراتْ .. وهم لا يرونك
لافائدةَ أن تسمي المسافةَ
ولا أنتَ تحنُّ إلى الرجوعْ، 
رغمَّ أنكَ تصعدُ للتلالِ ثُمَّ ترى شرقاً غريبا
شرقُكَ الآن غربُكَ .. 
فهل لمسيحِكَ أن يركضَ الآن بين الشواطئ وبين السرابْ
ليستْ قيامتُكَ الآتيةُ بعد .. وليست بدايتُكَ
واقفٌ بين الصراطِ وبين السؤال
لا ترى .. لا تُرى
جسمُكَ شاهدٌ وشهيدُكَ الآن يتلو
للأساطيرِ حيّرتها
لا أنتَ أنتَ ولا الزمانَ زمانُك
فأيُّ نارٍ في عُرى سيناءَ تلتمسُ


الظهران
١٨ نوفمبر ٢٠١٥

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

شقراءُ كالقارْ ..

يتشابهُ القمرُ مع لذةِ الموجْ
على شاطئٍ "لا اسمَ له"
مطرٌ
قدرٌ
مكانسٌ ثكلى من الريحِ
صحيفةٌ للسومري الذي نسيَّ الجزيرة
وعراةٌ يطوفونَ على كعبةِ الموتِ
ليسَ إلا اختلاجاً
ثمَّ طفولةٍ تتقيأُ 
من جراءِ دفترها
وشقراءُ مُحمدِ اغتسلتْ
بماء النفطِ والورقِ
ليسَ في القارِ مكانٌ للهُدى 
فماذا يفعلُ الشُعراءُ في الأُفقِ



جدة

١٨ كانون الأول ٢٠١٥

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

ميّمٌ وحاءٌ .. مينٌ ودالْ

متخذٌ هذا الضوءَ بوصلةً
والعتمةَ مرشداً
سوداءُ قافلتي ، وهذا البحرُ أسودٌ
كلما هيّأتهُ الموانئُ
فرّقتهُ التجربة.
من أينَ يجيءُ هذا الضوءُ بكْ
هنا ينبوعُ أسئلةٍ ، 
هنا عبّرتَ
وقد أرغمتكَ الحياةُ على الاحتضارِ 
أيتها النفسُ
كيف يبدو لهذا الكونِ أسرارٌ
-لديكَ ثمَّ أسئلةٍ تُقطعها
تبدو عاريا مثل الضوءِ في لغتكْ
لستَ مُرغماً بالاشتعالِ
اقرأ / ما أنا بقارئٍ
اكتبْ / ما أنا بكاتبٍ 
واقفٌ بين العتمةِ مزدريا زمانكْ ، 
يتصورُ الأعمى عصاكَ هدايةٌ
ثيابُكَ المُهدلةُ تحجبُها الآن شمسك
عن كل ملاءةٍ سوداءَ تكتبْ
عن حُسينٍ ، عن يزيدٍ ، عن معاذْ
عن جيادٍ في صفاءِ البحرِ تكتبْ
عن رمالٍ ، 
عن زباءٍ
ليستْ تناغمكَ الخطيئةْ
قل لي إذنْ
ماذا رأيتَ هُنالكَ أيها المبعوثُ فيها؟،
لحدكَ غائرٌ في القبةِ الخضراءِ
يتجاذبُ البدو صراطكَ من كل جانبٍ
بالسيفِ جاؤوا ، 
بالغرانيقِ 
بالرباباتِ الرديئةِ
هل يحجبونَ الآن وجهك؟
قُلنا: 
مدينةٌ كل ما فيها ينادي
ميمٌ وحاءٌ 
وميمٌ ودالْ
ما بين عيرٍ إلى ثورْ
هل من سائرٍ يرمي دنانيرَ هذا الوقتِ
ما بين عيرٍ إلى ثورٍ 
يتناقلُ البدو الطائفونَ 
عُراةً
يتناولونَ تُرابهمْ ذهبا
يغيّرونَ على الحجيجِ بلا كتابْ

"سلامٌ عليكَ .. سلامٌ عليك"
جئنا إلى الماءِ عطشى
"سلامٌ .. سلامْ"
حجازٌ يسيلُ على المدائنِ
هضباتٌ تعجُ 
خزائنٌ تطفو على لهفةِ المعنى
هذا زمانٌ للشربِ فأبلغُوا كوثركُم
ستجيءُ جهنمٌ أخرى
لا سكرٌ سوف يبقى 
ولا سنابلْ 
سوفَ يغني يومها خزفُ القنابلْ
فاخزنوا صبراً
واذكروا كِسرى.


١٨ آذار 
المدينة النبوية

مؤمنٌ .. أم خائفٌ

احتمالٌ أول

كتبَ شيئاً
كتبهُ الشيءُ الغائبُ في ثيابِ القدرْ

احتمالٌ ثانٍ

كلُّ هذهِ الأبوابُ مُشرعةٌ 
من أي بابٍ سيدخلُ هذا القدرْ؟

احتمالٌ رابعٌ

جنازةٌ يشيعُها الاحتمالُ الرابعُ 
لإحتمالٍ ثالثٍ
(ماتَ ثمَّ أناب)

احتمالٌ خامسٌ

يبدو قادراً هذا المسافرُ على تعدادِ الصُدفْ
يمضي .. 
في حقيبتهِ كلُّ شيءٍ مُهذبٌ
تحتَ سطوةِ الفرضيةِ :
ملابسٌ للصيفِ
ملابسٌ للشتاءِ
جواربٌ حمراءْ
جواربٌ صفراءْ
مناشفٌ
قنينةٌ خمرٍ
تمائمٌ
مصاحفٌ
كفنٌ
عطورٌ
بدلةُ عرسٍ
لا تعرفُ الطرقاتُ لهُ سبيلا.

احتمالٌ أخير ..
يجلسُ المسافرُون أمام النوافذ
لا لكي يتقيؤا
لكن ليودعوا الأرض التي سوف تأويهم
هباءً ..

(فرضيةٌ)

"هذا المسافرُ ثقيلُ الأمتعة". تقولُ سحابةٌ لأختها
ها هو يحملُ كل شيء
في رأسهِ احتمالُ السقوطِ
-واحتمالُ الصلبِ أيضاً-، يقولُ لنفسهِ

(دمٌ ونبيذ) 
عند اشتهاءِ النبيذِ في قداسِ عكّا
ينامُ الخائفونَ .. 
في فراشِ التائبينَ
حتى تسيّلُ الدماءُ بيّن القبائل.
-مؤمنٌ
-خائفٌ
-مؤمنٌ
-خائفٌ
رائحةُ الدمِّ ، ورائحةُ الأدرينالين
يشمّها المارقونْ
صبحٌ يجيءُ
وهذا الظلامُ الفسيحُ يدقُّ الحصونْ

ههنا عبرَ الحلاجُ ببعض الضوءِ
(الجُبةُ خاوية ، واللهُ ليسَ هُنا)
ههنا عبرَ طاغورُ ببعضِ الماءِ
لمْ يُرى الشاربونَ
لمُ يُرى المبصرونَ
وكانَ كلُّ قيصرٍ يرسمُ خارطةً
ليسَ فيها سواه
(تلكَ هي الأرضُ التي أرادها اللهُ لي)
خاويةً .. خاوية
وأنا ..
عارياً من خوفي
لا طريقَ يدلنيّ
لا إلى الموت

المدينة النبوية
١١ نوفمبر ٢٠١٥

الخميس، 15 أكتوبر 2015

ستراسبورغ

ستراسبورغ

الثانية في منتصف الليل

جسدُ نادلةِ الليل أسخنُ من كوبِ قهوة / وربما أشهى

كأسٌ في آخر المقهى

رجلٌ وحيدٌ :

يقولُ القدرُ أنهُ يائسٌ

حوّلهُ الضوءُ يبدو كوطنٍ يلبسُ العتمةْ

ذكرياتٌ تفيضُ بالحربِ 

يتُذكرُ الجالسين في حطامِ الأبجدية.

عابرٌ يبتاعُ من حاملِ القناديل شُعلة

يَسّخَنُ في الشارعِ كل شيء

وتبقى إيحاءاتُ النادلةِ مُبهمةً / لزائرٍ أول

نهاياتُ آذار ، 

قمرٌ داكنٌ في سماءٍ بائسةْ

في الشارعِ امراةٌ تحمل بضائع المتجر

مثل قنبلةٍ حقيرةْ

تمرُّ ، توغل في الضوءِ الذي يغتالُ عتمتها.


انظرُ للساعةِ ..

أشغلُ من قدحِ الرجلِ المجاور سيجارةً أولى

وجعٌ واحدٌ لا زلتُ أرجوهُ من المكانْ

"أن تموتَ فوهةَ الزمن"

أُفكرُ في كلِّ ركنٍ 

من هُنالكَ؟

نيرودا يحررُ من حياتهِ شعراً :

لستُ شيوعيا ولكن القدرَ يسألني البكاءَ على الدمِّ المهدورْ

سلفادورٌ سيسقط ، آخرٌ في الطريقِ إلى الولادة

تُرى كيف يُآخي الشعرُ بين الغضبِ والشهوةْ ؟، 

أمضي ،

أذوّبُ في مقعدٍ جامدٍ،

 متسائلا

ما الذي فعلَ العابرون بنا؟

- يحولونَ هذا الوحي أسلحةً

قُبعاتُ المتفرجينَ في داخل المقهى

تمنعُ جسد الضوءِ عنهم ،

تُرى، 

ماذا يفعلونَ بهذا الأبدْ؟

قالوا:

مسيحٌ خائف يغتالُ ذاكرةَ الرؤى

ترّسمُهُ يدُّ الله للغيبِ

حواؤهُ طهرٌ .. 

والثمارُ تزلزلهْ


٩ آيار ٢٠١٥
الظهران


شجرٌ .. شمسٌ .. وأشياءَ أخرى

شجرٌ يتهادى،
شمسٌ تتبوأُ في شرفةَ النورِ
من هُنا ليطببَّ شهوةَ الروحِ إلى الأبجدية؟.
سفرٌ ، 
غضبٌ ، 
سهرٌ
هذه الدائرةُ التي تُسمى حياةً
ليسَ للقهرِ إلا اللغة
بعدما سمّوا السلاحَ "فرداً".
تلكَ الحياةُ التي تتأرجحُ بين الخُرافةِ والحقيقة
ألمٌ يطغى، وجعٌ يثورُ
خيالٌ يضمّدُ أضرحةَ التعبْ
أليس إلا الغضب؟
يبدو. أن البشرَ ليسَوا إلا دُمىً
 في وعاء يُقالُ لهُ الزمن.
والحُبُّ ، ماذا يُقالُ لهُ؟
متخْفٍ بين الظلامِ وبين الغسقْ
بين الصلاةِ وبين الورقْ
رسائلٌ ،مصاحفٌ ، كمٌّ من التيهِ، 
نظريةٌ أو قصيدةٌ ،
معلقٌ كالحبِّ بين الواقعِ 
واللاواقعية.
غربةٌ تبدأُ بالولادة ، يُقالُ لها الوطنْ
ويحملُها طفلٌ مُشرّدٌ في ضميرِ الكلامِ
تصعدُ ، تهبطُ .. 
كلُّ بلدةٍ أخرى يُقربها "السفر"
وليس ثمَّ هزيمةٌ تنهي شقاءً.
(فردوسٌ)
"نساءٌ مُعلقاتٍ من أثدائهنّ على الصراط
رجالٌ عراةٌ في مغبةِ الريحِ
عناكبٌ نصبتْ في كفوفِ الليّلِ بيتاً"
هكذا صوّروا الطريقَ إلى الجنة.
ماذا عن النارِ إذا؟

هنا عالمٌ يصرُّ على الطفولة رغم شيخوخةِ اللغة !
كافٌ
هاءٌ
عينٌ
صادٌ
ناقوسُ الكلماتِ يتفجرُ في جزيرةٍ ثكلى
كلماتٌ أُتمّت لتُهيئُ أعراسَ بابلِ
وأخرى لتسنَّ سيوفاً من القهرِ
وحدكْ ، لابُد أن تبقى
وحدكْ ، لا بُد أن تبقى
وحدكْ لا بُد أن تنتهي للموتِ أو القصيدةْ
ذلكَ القدرُ الذي يفضُّ بكارةَ الموتُ
ويسترقُ اللغة




الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

في النهايات

مطبقٌ خلفَ سكرتكَ البعيدةِ
صديقتُكَ تمسحُ من ذاكرةِ العابراتِ صورتكَ القديمة
بعد انتهاءِ الرقصِ، 

"في العشيةِ تبدو أوسماً" ، تقول لكْ
ليستْ تُبعدكَ المسافةُ / 
ليستْ تُقربُكَ الخطيئةُ
مهما ابتسمتْ في وجوهُ الحاضرينَ، سوف تُنسى.

مطبقٌ هذا الصمتُ فيكَ
كيفَ تُحررهُ الموسيقةُ من طيشكَ المتناهي،
من سجنكَ المحفورِ فوق أزمنةِ الوقتِ؟ 
تتلو جدارَ الغربةِ ، مأخوذاً
تُمرُّ أفكاركَ مثلُ طيفٍ
"هذي المدينةُ التي تقيمُ في المهبطِ
ليسَ من شهوةٍ للصعودِ فيها"

عيناكَ تبدوّ من الحُبِّ جائعةً
أنتَ الذي يرشدُ مقلتيها
وأنتَ الذي يحملُ ذاكرةً ثكلى من الريحِ
، كي تعيشَ ..
 ليسَ إلا

الظهران 
٧ أكتوبر ٢٠١٥

الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

صوتٌ

شهوةٌ تخرجُ من قبورِ الورقْ

أي وجهٍ خلفَ هذا الأرق

أيتها العابراتِ في منامِ اللغةِ المُتعبة

لا تُحدثنَ السرابَ

لا تُقطعنَّ الورقْ


الظهران 
٨ أيلول ٢٠١٥

الجمعة، 18 سبتمبر 2015

رمادٌ وقدر

لكل مائدةٍ على ضوءِ شمعةْ
لكل صحيفةِ تتناسلُ الكلماتُ منها
لقاطعة الورقِ التي تمزقُ وجه الكلامْ
لظهركِ العاري مثل غصنٍ
قومتهُ النهاياتُ
لبراكينِ شهوتنا المستفيضه
ليدي وهي تلمسُ أعضاءكِ في تلكؤ
لجسدينا المشتعلين على قارعة الطريقِ
فوق الرمادِ الذي خلفه القدر.

السبت، 12 سبتمبر 2015

بلا أسئلة ..

افتحُ عيني، الساعة لا تشيرُ إلى شيء، بقايا رائحة العطر الذي أتى ب تتضاءلُ في المحيط حولي. لا صوتَ ولاذاكرةً استنجدُ بها بعدمنتصف الليل. مخيلةٌ تأتي كل يومٍ لتأكل أطرافي. وعمري المستكينُ إلى الضحيةِ يستطلعُ المعنى.

أسئلةٌ تتكاثرُ على مسامع العقل ولا جوابٌ واحدٌ يظهرُ على سطحِ هذه البحيرة التي تُسمى الدماغ. لو أن خارطةُ الجوعِ تختصرُ سلسلة الأفكار ، لو أن هناكَ غزالةٌ تائهةٌ استطرد في اتباعها لكنني خاوٍ من كل شيء سواي.
قاتلي أنتَ يا عقلي  

//

أعرفُ أنني ساكنٌ في الشكِ
واليقينُ على قدميه يرتحلُ، يتقاسمُ باكورةَ الأيامِ
بينما أبدو شحيحا في ترقبهِ
ماذا هناكَ لكي تصحو قناديلُ ضوئي
ومن هناكَ يمنحني جوابا ، وامنحهُ سؤالا
/
هنا .. حيثما أغرقُ في تحيةِ الضوءِ
ارتاحُ فوقَ جبينِ البحرِ الصالعِ في الظلام
وطنٌ على منبتِ الشاطىء
وطنٌ يهذي ولكن بالتفاصيلِ الصغيرة.
/
ماذا أقولُ لعالمٍ لايُصغي إلى آخر الموتى،
في جزيرةٍ شبهِ معزولةْ.
لكنهُ يكادُ يُخبرنا، ببرودةِ الأعصابِ
ربما لنُسخرَ من شهوةِ الدمِّ تاريخاً مجيدا ؟
/
قدرُ الضحية.
أن تستكملَ الدورَ في المسرحية.
والقاتلُ الذي يتركُ النهاياتَ مفتوحةً، ليُراهنَ الكاتبَ على أن الدموعَ ، كلُّ الدموعِ كاذبةٌ في الرواية.
متى ينتهي العرضُ ؟، نسألُ.
فليّكن قاتلٌ من بيننا، المهمُ أن ينتهي الفصلُ لكي ترتاح خشبةُ المسرح.
ولتكنْ خطيئتنا الكلامُ في تفاصيلِ الجريمةْ.
 لا نريدُ للبطلِ السماوي أن يظهرْ،
مرةً أُخرى : نريدُ لهذا القاتل أن يكونَ مُخَلّصاً.
ونريدُ أن نرى وجهاً آخراً يُعلمنا الوصولَ إلى الحقيقةْ.
/
فولتير/ يستخرجُ تفاصيل الحياةِ من أزقةِ باريسَ الفقيرة.
هذا الملكُ يصرخُ للجلادِ أن يوقفَ المهزلة.
أوغست كونت يصعدُ بالتفاصيل ويهبطُ بالصورةِ الكبرى.
مالك/ يترجمُ مقالةً لهُ إلى العربية. 
المفرداتُ أكثرُ من المعتادِ ، لكنهُ تائهٌ ذلك المعنى.
فوكوه / يضعُ عدساته على فوهةِ المعرفة، حقلٌ هو التاريخِ والنظرياتُ غارقةٌ في الدماءِ.

//

مشاهدٌ من خارجِ المسرح. وحدهُ القاتلُ المنتظرُ من يخافها.
أكثرُ صموداً من الشرِّ ، هذا الكائنُ المُتأنسنْ.
فلنصعد لسرعة الضوءِ لكي يعود الزمانُ إلى الوراءْ، اينشتاين.
ها هو الآن عائدٌ نحو الضوءِ الذي يوصدهُ الجشع.

السبت، 22 أغسطس 2015

ظهيرة

الظهيرةُ تستعد للتنازل عن عصاها، لتكف عن جلد أمزجتنا في هذا الصيف، كل شيء يتراجع، كأن معركة اليوم ستنحصر في زحام العربات.
ويبدو أن ذاكرةَ الأماكن تحفظ تاريخها جيداً، الوجوهُ مغايرة لكن الواقع ذاته. خليجٌ يتبخرُ في جحيم الصيف ، يتخلصُ من كل شيءٍ حتى من الحب كأنه يرحلُ إلى الصحراءِ محتفياً بأصالةِ الرمل وخيبةِ الهضبات. كل شيء يأتي ، وضدهُ .

أتساءلُ لماذا ليس ثمَّ فرصة لتخيّل رقصةٍ من رقصاتِ سالومي ، أو ملامحٍ من ملامحِ هيباتا. ربما لأن مخيلةَ نيتشه إغتالت كل شيء في جاذبيتها، ربما لأنها صارت أيقونةً لتبادلِ المخيلات. أسيّرُ نحو مكانٍ يُقال أنه منزلي، كيف يعرف البريدَ وساعيهِ عنواني أكثر مني؟، ما الذي يجعله جديرا بذلك ، عموما فأنا لا أملك خيارا في ذلك ، أو ربما أن الشهوة في أن نبقى مشرذمين حتى النهاية تجعلنا نجهل أماكن إقامتنا. 

طالما كان العبور والترحُلُ حالاتٍ تتجددُ من تلقاءِ ذاتها لتُقنعنا دون تنصُل كي نكون أوفياء لها. أقلبُ في قائمة الموسيقى ، أبحثُ عن موسيقارٍ يؤدي طقسهُ وحدهُ ، دون شركاء وحتى دونَ جمهور. شيءٌ يتأتى من آخرِ الإيقاع. وحدي وأريدهُ وحدهُ دونما رفقةٍ تُقاطعُ الصدى . ربما هي الرغبةُ في العزلة، في مقاسمة العالم ظلماتهُ.
ومثلما قالت ماري آن قبل إعدامها بتهمةِ القتل أكثر الرسائل حُزناً وايجازاً: ليس لدي أصدقاء. هكذا يجب أن نقول للصيف ، أن لا نُفصل لهُ خيبتنا أكثر مما يفعل.

"شمسٌ تهبطٌ ، وأخرى تصعدُ .. ماذا يُقالُ إلى الزهرِ الذي ينتظرُ إنتشاء الندى؟. 
لن تعرفَ هذهِ المرةْ ، هل لابُدَّ أن تكتبْ؟"



الخبر

١١ آيار ٢٠١٥

سماؤنا التي تتأرجح

وجعٌ ، يبدو قريباً من الصلواتِ العظامْ.
فيما يُقشرُ الليلُّ أعضاءَ التعاويذِ ، 
عجباً 
كيّفَ يدبُّ هذا الإلهُ الصغيرُ
في كلِّ منفى !

يساورنا مثل أخيلةِ الحطبْ ،
ويعددُ أسماءَ الحيِارى -اللاتي انتحبنَّ منَ الظهيرةِ-

(فاصلٌ)
قائلٌ : ليستْ كتابةُ العالمِ من تكشفْ الرؤيا،
بل قراءةُ الهامشِ المفقودِ من الحقيقة

مُتأرجحٌ هذا الضوءُ، لكن الصمتَ يجعلهُ رهينا للظلامْ.
ربما، يصرُّ الكونُ على مناصفةِ الحقيقةِ شيطانها الأول ويبدو أنه يستهلكُ الجدليةِ ، ويلقيه في صدرٍ إمرأة
لاتحتمل إشتهاءً ولا أمومةْ
وطنٌ نُسميهِ أمٌ ، وأرضُنا ورقٌ
يتوقفُ فيها السؤالُ وتُبتكرُ المغفرة!

(دوِّن)

لو أمشي نحو مستقبلٍ، 
لن يكونَ سوى الغضب

لو أدعو إلى لغةٍ، / لن تكونَ غيرَ منفى
وكيف يبدو بيني وبينَ النارِ خارطةٌ
اسّمُها جسديّ.

(عابرٌ)

يمشي كطائرٍ يفرشُ للمطرِ جَناحيهِ
يحسبِ أنهُ ، قد يستوقف الغيّمَ
هكذا يحسبُ الشعرُ أنه يخرجُ من سلطةِ الأنثى!
/
 قلْ لها أيها الشعرُ : أينا غيمةٌ ..أيّنا قدرٌ؟ 
-لستُ أدري .. 
سوى أننا صورةٌ للكونِ تنتفضُ

نضحكُ .. تضحكين
ليس هناكَ ما يكفي لكي نضحك
ألأّنَّّ سماءنا بيننا تتأرجحُ؟

(عائدٌ)

لماذا يجهضُ الماضي كل محاولاتِ الدهرِ
أن يصغي لأفواهِ النساءِ اللاتي انتظرنَّ مجيء القدر؟

يقولُ إلى الذاكرة:

لستُ أعرفُ ذاكرةً أخرى لدي
لا يجتاحها وجهك
فهل صارَ ذكرُكِ ظلّاً للأحياء والموتى؟

الظهران

٢٢ آب ٢٠١٥

الخميس، 6 أغسطس 2015

جاذبية

عادةً ما تكونُ الأرضُ أول شيء أتأمله قبل ركوبِ الطائرة  ، قبل أن تحلق بعيداً، وأنسى دائما آخر مرةٍ رأيتُ فيها تلك السُحب البيضاء من كوةِ الطائرة. هكذا تأخذ السماءُ دور التطهر حتى من ذكرياتنا. ها هنا نحنُ صامتون ، مرتابون ربما أو نبدو متحررين من الجاذبية. نبدو أكثر إتزانا ، هل نصعدُ أم نهبطُ ؟ ، ليس بعد ولا يكفي الزمن المُحلقُ حتى أجيب على سؤالٍ كهذا. السماءُ أكثرُ هدوءً حتى الموتِ نفسه، هل لأننا أردنا الأرضَ أن تكون سماءً؟ ،ربما أخطأنا في تصور السماوات، ها هي أهدأُ من الأرضِ التي نعمرُّها أبراجاً لكي تقترب من الهاوية!. 
أتصورُ ، إذا ما خرجَ كائنٌ هنا وأبتكرنا لغةً للكلام. ماذا سيخبرني إذا؟ ، ليس هناك حديثا سوى عن الموتِ أو الحياة. وقد يخبرني أن السماءَ تموت -بيدِ أُختها الأرض-.

الأحد، 2 أغسطس 2015

معكِ ومع الكتابة

أجمل ما في الكتابة وربما أصعبُ ما فيها أنها تكشفُ لك جنونك .. ولكن بطريقة مغايرة تماما، فهي تخبرك عنهُ ساخرةً ، وأنتَ أمامها لا تملك ردعاً لهذا الجنون المتصاعد.

كلما اقتربت من شهوة الكتابة، تتنتفض أعضاؤك ، تتحركُ  وتتبدلُ ، يصغرُ فيها الضوء ويستشري الظلام الذي يستهوي توسيع دائرة الممكنات.
 في أول الأمر كنت اختصرُ جدل الكتابة في الوجود ، في إرادة البقاء على سُلمِ الورق متواريا عن الحركة التي تخضع لقوانين الطبيعة. إنها ليست كذلك ، فالأمرُ ليس بتلك الحدة وليس بهذا المجاز.

هناك ملايين الأسباب للكتابة، تتراوح بين الجد والهزل ، بين الحياة والموت ، البقاء والانقراض، الواحد والجمع، الصلاة والغضب .. وأكثر.
فكل قصيدة تحمل عالمها وكل العبارات عوالم. تتقابل ، تتضاد ، تتكاثر ، وتنحسر في نهر واحدٍ هو الشهوة التي تولدُ هذا النهم.

وتمثيلا لذلك فمن أقصر الطرق التي أُغضبُ بها نفسي أن أسألها: لماذا تكتب؟. ولا أعلم لماذا تغضب؟ ، ربما لأن سؤالٌ كهذا يُعدُّ اتهاما بالأنانية لا مناص منه. ومرةً أُخرى أهربُ للبحث عن سبب للبقاء ليَّدلني على سببٍ للكتابة. وأعيش ذروةَ الإنتشاء فقط ، عندما أعجزُ عن الإجابة.

إن كل تدخلات العقل لحل هذا الاشتباك تكادُ تفشل ، يؤزرُ هزيمتها المُعري ، بقوله :

ولا تَذبُبْ، هناك، الطيرَ عني
؛ولا تَبْلُلْ يداك فماً يذبّ

لماذا، إذن لا ترى الأعين التاريخ الذي يتصاعد الإنسان فيه ثم يهوي إلى القاع. بذات الأسباب وبذات السلالم التي يصعد بها إلى الأعلى.

يصعد درويش على صدر التساؤل ، لربما للحظة وربما أقل / لا أكثر مستعينا بإدوارد سعيد، وبضحيةٍ تسألُ  جلادها : 

يدُّ الفرضيةِ بيضاءَ مثلُ ضميرِ
الروائي حين يُصفي الحسابَ معَ
النزعةِ البشريّةِ .. لا غَدَ في
/الأمس، فلنتقدم إذا
قد يكونُ التقدمُ جسرَ الرجوعِ
/ ... إلى البربرية



أقولُ :

"ماذا سيرضي آدماً كي يستفيق من تعبه ؟، 
مُتعبٌ هذا الكائنُ .. لا تفاحةٌ تقْبَلُهُ
ولا حواءَ تُرشدهُ إلى المعنى"

ماذا ،إذا ، لو كان للشعرِ تفاحٌ ورؤيا؟


فردٌ يتآكلُ في عالمٍ يسيرُ بلا هدفٍ، سوى أن النهايةَ ترفضُ أن تعطيهِ خارطةً لها. 

جدة

٤ آيار ٢٠١٥

لغةٌ من الماءِ

دخانٌ يتصاعد من قذيفةِ الحزنِ المهيمنِ فوق قارعةِ المدينة. بحرٌ يهيمُ في سواد، أقنيةٌ من الزجاج تتكسر مع كل موجةٍ. هذا الكونُ رداءٌ يلبسُ الصيف وليس ثمَّ ما يؤرخُ العرق الذي يتصبب من جبينِ اللغة. هنالكَ شاعرٌ مسجونٌ،  لكنه يصرخُ بملء صوته.
وآخرٌ يتحررُ ، لكن ماذا يفعلُ بالتاريخِ الذي يبدو سجينا؟.

كلُّ الروايةِ أن يُكتبَ الحزنُ ، كيفما ينبغي لهُ أن يكون ولسنا بصدد السؤال عن المزيد من التهلكة.
ذلك الحزنُ الذي يدور مثل أسطوانةِ موسيقيةٍ في كل آنٍ بلا انقطاع.

متعبٌ هو العالمُ الذي ينحني ليغطس في الوحل الذي خلّفهُ البشر، هذا الشحوب والأرقُ الذي يصاحبنا أكثر من الماء.
لستُ أدري أيهما سرُّ الحياة ، الماء أم الدماء. كلاهما ينضحُ بما في الأرضِ من موت وما للسماءِ من أثر سوى وجهُ الأسئلة.
إذن كيف ستبقى للأرضِ نافذةٌ مفتوحة، إذا اختنقَ السؤال؟. 

أيهما تفضلُ اللغة، أن تبقى عاجزةً عن المضي إلى المستقبل في ظل الواقع، أم تفضل صناعة الوهم ابتكاراً يجنبها عناء الثبات؟

ليس الوهمُ إلا هروبا من مقصلة الجمود. غالبا تقاسمني الموسيقى لحظاتها الكبرى ، كجزء من التأمل الذي لايتوقف لدى العقل، تلك المسكوبة على جرح البشر صغارا أو كبارا.

أسألُ :كيف يستطيعُ البشر بناء عالم دون نغم؟ ، كيف يتعايش الشعراء مع ذواتهم لولا أن ألبير كامو لم يتنبأ بصخرة سيزيف، الصخرةُ التي تتدحرجُ كاللغة على صدرٍ رجُلٍ واحدٍ هو الشعر.

وطنٌ أمرُّ من المنفى ، هكذا تبتكرُ التناقضات حقيقتها الجديدة، سارتر يسعى في قلب باريس ،يوزع منشورات اليسار، يتأمل في وجه فولتير : يريدونني أن أتوقف!. قل لي إذن :كيف لي أن أربط عينيك عن الحقيقة؟.
هكذا يجب أن تدافع اللغة عن الحرية لا أن تسوغ لقتلها.


"لستُ أخشى من اليوم الذي تنتهي فيه الأجوبة، أخشى ذلك الذي تنعدمُ فيهِ الأسئلة."

"كل ما يُقرأ لابُد أن يُنسى، لأن القراءةَ ماءٌ. هل تُحسُّ اللغةُ بأنها تتحركُ؟."