الأحد، 2 أغسطس 2015

لغةٌ من الماءِ

دخانٌ يتصاعد من قذيفةِ الحزنِ المهيمنِ فوق قارعةِ المدينة. بحرٌ يهيمُ في سواد، أقنيةٌ من الزجاج تتكسر مع كل موجةٍ. هذا الكونُ رداءٌ يلبسُ الصيف وليس ثمَّ ما يؤرخُ العرق الذي يتصبب من جبينِ اللغة. هنالكَ شاعرٌ مسجونٌ،  لكنه يصرخُ بملء صوته.
وآخرٌ يتحررُ ، لكن ماذا يفعلُ بالتاريخِ الذي يبدو سجينا؟.

كلُّ الروايةِ أن يُكتبَ الحزنُ ، كيفما ينبغي لهُ أن يكون ولسنا بصدد السؤال عن المزيد من التهلكة.
ذلك الحزنُ الذي يدور مثل أسطوانةِ موسيقيةٍ في كل آنٍ بلا انقطاع.

متعبٌ هو العالمُ الذي ينحني ليغطس في الوحل الذي خلّفهُ البشر، هذا الشحوب والأرقُ الذي يصاحبنا أكثر من الماء.
لستُ أدري أيهما سرُّ الحياة ، الماء أم الدماء. كلاهما ينضحُ بما في الأرضِ من موت وما للسماءِ من أثر سوى وجهُ الأسئلة.
إذن كيف ستبقى للأرضِ نافذةٌ مفتوحة، إذا اختنقَ السؤال؟. 

أيهما تفضلُ اللغة، أن تبقى عاجزةً عن المضي إلى المستقبل في ظل الواقع، أم تفضل صناعة الوهم ابتكاراً يجنبها عناء الثبات؟

ليس الوهمُ إلا هروبا من مقصلة الجمود. غالبا تقاسمني الموسيقى لحظاتها الكبرى ، كجزء من التأمل الذي لايتوقف لدى العقل، تلك المسكوبة على جرح البشر صغارا أو كبارا.

أسألُ :كيف يستطيعُ البشر بناء عالم دون نغم؟ ، كيف يتعايش الشعراء مع ذواتهم لولا أن ألبير كامو لم يتنبأ بصخرة سيزيف، الصخرةُ التي تتدحرجُ كاللغة على صدرٍ رجُلٍ واحدٍ هو الشعر.

وطنٌ أمرُّ من المنفى ، هكذا تبتكرُ التناقضات حقيقتها الجديدة، سارتر يسعى في قلب باريس ،يوزع منشورات اليسار، يتأمل في وجه فولتير : يريدونني أن أتوقف!. قل لي إذن :كيف لي أن أربط عينيك عن الحقيقة؟.
هكذا يجب أن تدافع اللغة عن الحرية لا أن تسوغ لقتلها.


"لستُ أخشى من اليوم الذي تنتهي فيه الأجوبة، أخشى ذلك الذي تنعدمُ فيهِ الأسئلة."

"كل ما يُقرأ لابُد أن يُنسى، لأن القراءةَ ماءٌ. هل تُحسُّ اللغةُ بأنها تتحركُ؟."




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق