الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

شذى

حينما أُوقدُ في عينيكِ عيني

ألمحُ النيرانَ تهربُ من مصيري

/ إلى ألمي

سائلٌ يبحثُ في عينيكِ عني

لاتقولي أنني راغبٌ في لقاءٍ

حاملٌ في يديَّ  ألسنةَ اللهبْ

 كلَّ ماءٍ من ضبابْ

كلَّ نارٍ أو حطبْ


الجمعة، 19 سبتمبر 2014

لامْ

لو كانت يدي تتحسسُ جسدي

لأنكَرتْني ثم استعارت بيديكِ عني

لو أنني أُحسُّ بهذا الوطن

لقلتُ : خطيئتي .. حُلمي !

سِراج

في هذهِ الليلة

لا بُد أن يكشفَ الظلامُ شيئاً

من فصولِ المسرحية

لا بُد للقدرِ أن ينامَ على صدرِ اسخيليوس

فربما تعبَ الزمانُ

من حصادِ الأوسمة!


المنامة

١٣ آب ٢٠١٤

الأحد، 24 أغسطس 2014

سميح القاسم ..

هل قُلت أنني متعبٌ من حمل النعش؟، ومتعبٌ من المشي على البسيطة، وهل رأيت عمّان على بُعدٍ من مسقطِ رأسك تغرق؟، ها هي عمّان دائما على بُعدٍ من كل شيء وغارقةً في وسطِ الجبال ، أم أبيّت ألا تترك الحصان وحيداً دون رفيقٍ هناك في الموت؟. كل سؤال لهُ جوابٌ ولكنه ليس سوى سؤالا آخراً أردتُكَ أن تجيب عنهُ شعراً لا حديثا .. وداعاً دائما .. وداعاً أبدا ، سأمشي حاملا نعشي على كتفي وأقول لك :

أشدُّ من الماء حزناً
تغربت في دهشة الموت عن هذه اليابسه
أشدُّ من الماء حزناً
وأعتى من الريح توقاً إلى لحظة ناعسه
وحيداً. ومزدحما بالملايين،
خلف شبابيكها الدامسه..

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

طهارة

أحاولُ أن أُطيحَ بذكرياتها

فترسلُ الأقدارُ لها سيلاَ

يُفتتُ أسوارَ الجسدْ

يا سرابا قامَ بالأجداثِ يخطِبُ

وبالأحياء يحتطبُ

ويا مُوغلاً في النحيبِ والصلواتِ التي

تأكلُ خطاياكَ من الحقيقة

فتخرجُ طاهراً من غيّكَ الأبدِ

يا مولدا يتهيئُ لأن يُصلبَ في مهدهِ

الظهران

٣ آذار ٢٠١٤

نوراً

غيرَ هذا الدخان الذي يتصاعد من رحمِ الذاكرة

أتى ، 
ليَّ الموتُ نازفاً في برههِ
مثل جُرحٍ يسقطُ من سحابة، 

ومضيتُ ..
استعيذُ بدنياهُ عنيّ

ووحيُّ الحياةِ لا يستقرْ

أيها التازلونَ في فمي :
"هل صارَ نوراً دمي"؟

أولُ الوطن

دخلتْ إلى غرفتها

فاحَ وجهُ الغبار

تسألُ :، أليست أولَ هذا الوطن! 

مُحاق !

وضعتُ على خارطةِ الطريقِ جسدي

فماتَ القطارُ

وابتهلَ المسافرونَ إلى المحاقْ

قُلْ :

يا مُنعشَ الموتى  ..

هل كانَ ثوبُ الحياةِ لينفعك!



١١ كانون الأول ٢٠١٤
جدة

خلّاقة

طُغيانُ هذا الصباحِ يرمُقنا، ونحنُ في شارعٍ أبيضٍ
لا يرى المُشاةُ أقدامنا

لا يسمعُ المشاةُ أصواتنا ، 
حينَ تلهثُ بالصراخِ أو الغناءِ

وحينَ تكونينَ أولَ وهجٍ يُوقظُ الموتى
أولَ عُملةٍ تُصقلُ في جبينِ اليومِ 
وأنت الخلاقةُ لكل شيءٍ -سوى شغفي-


الاثنين، 4 أغسطس 2014

السلطة وخطابها

منذ بداية تراجع المعسكر الإشتراكي وصعود التيارات الدينية مرةً أخرى كجزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي وتعامل الأنظمة العسكرية والرجعية القائمة معها ببراغماتية وتوجس وترك مساحة اجتماعية لها مثل توليها معظم المؤسسات التعليمية في الخليج العربي والجزائر وصياغتها للعقول الناشئة مما جعلها قادرة أن تُشكل حيزاً لا بأس به وكيانات متواجدة فكريا وجسديا داخل هذه الأقطار العربية ، وأُلزّمت القيادات السياسية في كل من هذه الأقطار التعامل معها عن طريق وسيط أو مباشرة وخاصةً بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية وتزايد الطموحات الأصولية وانتقالها من الحيز المجتمعي إلى السياسة. 

ونذكر جيداً ما حدث منذ اندلاع الثورات العربية وكيف أثبتت هذه الجماعات تغلغلها لدى الثقافة الجماهيرية العربية واكتساحها لصناديق الإقتراع ومن ثم تعاملها مع الواقع مما دعى الشباب للتفكر في المصير والمستقبل وهو أن هذه الجماعات جزء لا يتجزأ من الأنظمة المستبدة وخاصة أنها تتبنى الخطاب الأصولي بحذافيره وأغلب تفسيراتها للنصوص تتوافق تماما مع تفسيرات الأنظمة المستبدة بشكل أدق ويتبقى الإختلاف في التعطيل والتطبيق والمصلحة الدينية العليا وبقية الديباجات المأسلمة.

وبعد انخراط الأنظمة المغلقة وهذه الجماعات في صراع ما بعد الثورات على السلطة وإصرار كل من الطرفين على إقصاء الآخر ظهرت تعبيرات هامشية كما يراها البعض وفي ظل المخاض الثقافي والسياسي أصبح الجميع في معزل عن المستقبل مجددا أسلحته بالوسائل لا بالغايات وتتابعت الدعوات للحلفاء 'وغير الحُلفاء' بأشكال متعددة لمد يد العون وبالرغم من أن الجميع لا يريد إعادة الماضي وصراعه للواجهة إلا أن الجميع أيضا يستخدم ذات الوسائل في حربه مع النظائر فالأنظمة المحافظة التي دعت الخطاب الديني للجماعات في صراعها مع التمدد القومي في بداية ستينيات القرن الماضي وبما أن الخطاب الديني المُسيس - أيا كان شكله- أتى مُغلقاً ولكنه قام بالدور الملائم من وجهة نظر هذه الحكومات آن ذاك وسرعان ما تصاعدت الاختلافات بين الأنظمة المحافظة وخطاب تلك الجماعات وأفرز ذلك الخلاف انقساماً مجتمعيا وسياسيا وانقسامات عدة داخل الأنظمة المحافظة والجماعات الإسلامية أيضا ، منها من اختار التطرف ومنها من اختار خطاباً تقدميا في الشكل الحزبي ولكن كل الأطراف المنقسمة داخل هذه الجماعات يؤمن بذات المرجعية للتفسير القرآني الموحد ولذلك وجدنا أنفسنا في مأزق الإرهاب غير قادرين على صياغة مفاهيم قرآنية تناقض الخطاب الذي كان سائداً خاصةً في بداية القرن الماضي وتتابع المد الجهادي وما سُمي بثورة العرب الكبرى.

ومع كل ما مضى نرى الآن الأنظمة المحافظة في الخليج تطالب الآن من خلال قياداتها خطاب ديني آخر يتمثل في السلفية لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية والتي بطبيعة الحال تعيش خارج التاريخ كداعش والجماعات الأصولية التي اختارت العمل الحزبي والوسائل الحديثة للتعبير عن خطابها مما يُعيد طرح السؤال : أليس هذا تجديداً لصراع الماضي وإعادة لنتائجه كلها؟ . وطالما أننا لم نرى في الماضي خطاباً دينيا جديدا يعيد صياغة الموروث الديني ككل في داخل إحدى هذه الأطراف فما هو المرتقب والمُرتجى منها؟ ، وماهي النتائج والتطلعات التي تُنتظر من استقطاب أحدها ضد الآخر؟.

أي نعم إنني لا أُقر بتشابه كل الخطابات الدينية آنفة الذكر من حيث الشكل ولكن شهدنا تماما عدم قدرة أحدها تقويض خطاب الإرهاب ، ثم أننا لم نشهد سجال ديني سلفي مع الجهاديين أو الإرهابيين يُوحي بإختلاف جدري في العقيدة والمفاهيم كما يؤكد د. محمد شحرور في تجفيف منابع الإرهاب : ما وضعنا في مأزق الإرهاب هو القراءة القرآنية الموحدة لكل الجماعات والتيارات والمذاهب المختلفة.

إن الدعوة العامة لتيار ديني ما تعني أن الدولة عاجزة عن صياغة خطاب وطني قائم على وحدة المصير المشترك بالإضافة إلى أن الدعوة تُطالب التيار المعني بالخروج من البراغماتية الحالية إلى الحركية الجماهيرية وهذا وإن كان حلاً مؤقتاً إلى أنه يبعدنا تماما عن صياغة مشروع وطني حقيقي وهو في ذات اللحظة يستقطب المجتمع ويطالب كل من لا يتبنى هذا الخطاب إلى الإنضمام إلى الطرف الآخر بوحشيته وسلوكه.


وإذا كان لايختلف اثنان على طبيعة النظام الناشئ في المملكة العربية السعودية بالتحديد يتخذ صبغة تحالفية بين الدين والسلطة ولكن هذا الشكل قابل للتغيير ولديه فرصة تلوح بالأفق في ظل المتغيرات المتتابعة ولابد من أن ندرك انعدام الأفق العالمي على استيعاب مثل هذه الأنظمة على الأمد القريب والبعيد ولذلك وحدة المصير تتطلب مواطنة جديدة متجردة من كل السجالات الأصولية وتحريك المياه الشابة الراكدة في بناء ذلك.


إن المحاولة للخروج من الواقع تستدعي البحث عن سبل مُغايرة وإحداثيات مختلفة وخطابات وطنية صادقة منفتحة على الوسائل والتطلعات، فإن الخطاب الديني الواحدي يعيد إنتاج ذاته بفُرقائهِ المتطرفين مهما كان مُداهناً للسلطة ومتغلغلاً داخل مجتمعاته بحيث تبقى الحقيقة وأنه واحدياً لا يمكن له أن يرى الحقيقة خارجه وهذا سر الإنتاج المتتابع للجهادية وكيف لنا -على كل حال- إنتاج حاضر ومستقبل مغاير بأدوات ماضوية منغلقة على ذاتها إن لم نخلق جواً مُغايراً وأدوات مختلفة، فإن كل ما نفعله الآن يدخل في عداد العودة للماضي وشكله ومضمونه.


الجمعة، 18 يوليو 2014

مقاطع / شباط

(جلجامش)

آذنت للحربِ أن تحط رحالها

وجعلت الضوء يخبو

عابراً بحرَ المدينةِ للمضيق

حالما أن يمُرَّ الزمانُ خلالها

(عليّ)

البيوتُ والشوارعُ لا تجيبْ

إلا بإسمِ غوارها

أيها الصوتُ بلا صدى

والمسافةُ والوصولْ

(قُطز)

أتيتَ للنارِ بعدَ رقيبها

أتيتَ للغةِ التي تهيمُ بلا بلادْ

وجهُكَ طفلٌ وسيفُكَ سيّدُهْ

(راحلة)

أشهدُ أن هذا الكونَ يُنصفُ

نصفٌ أراهُ في عينيكْ

ونصفٌ آخر يُطلُّ على المدينةِ

ويوما نزلتُ إلى القاعِ ابحثُ عن قناعْ

للشاعرِ التائهِ في بلاطِ الملِكْ

ورأيتُ الفجرَ راحلةً

لاتزالُ تهيّمُ بهذا الأبدْ

(قارعة)

يُزلزلُ هذا الليلُ أوداجنا

عن كل بسمةٍ كاذبةْ

وحدُها الهزيمةُ من تُصدقُ أننا نبتسم!

(مُجاهرة)

يتوهُ أمام خارطةِ الطريق

يرى الصحراءَ تنهشُ جسمها وتخومَها

يرى وجهَ الخليفةِ مصفوفاً على النهرِ

يرى الوطنُ مُنكباً

/ دونما تهجئة

(مُجاهدة)

السيفُ لأرضِ البيضِ أو الشهادةْ!

يا سراجاً يعبرُ الأشياءَ إلى المدى

'رأيتَ وجهَ اللهِ في مرآةِ مديّنْ

فاستفاق من الجنونِ شيخاً،

يُدافعُ عن حصادهْ'

(عدوان)

هل يجيءُ اليومُ الذي تنامُ بهِ الطائرات؟

كلّا ، لم نعدْ نعرفُ لليومِ معنى

إذا لم تُعطرهُ السماءْ

وُهبِنا جسدَ العروبةِ وحدنا،

وُهِبنا جمرَنا ماءً

والكرامةُ منزلا

(سُنبلة)

لا تدعني ابدأُ تهجئةَ السنينْ

لا تدعني ارفعُ عيناي عن الكتابْ

ربما يطفو على السطحِ شيءٌ واحدٌ

اسمهُ / غضبي

(غائبٌ) 

يبحثُ عن إنسانٍ يُقاطعهُ الطريقْ

يتحدثُ عن ليلهِ معهُ

ويخوضُ المسافةَ التي تفصلُ بينَ قدميهِ

لكنهُ لا يجدْ !

(شاطئ)

يلعبُ بالرملِ ثم يسمعُ أهازيجَ بحرهِ

ولجّاتِ أوطانٍ تُسافرُ عبرَنا

تُسافرُ نحوَّ أرضٍ لا تموتْ

'من قال أن البحر يحفظُّ سِرنا؟'

(رحيق)

يلمسُ النخلَ في صدرهِ

والثمرُ في صدرها

هل رأى في الكونِ قارعةً /سواها

(سلمى)

يغيبُ هذا الشهرُ في وجهكِ

يخرجُ من بينِ أظافري تائها

في زورقٍ لا يؤديّ إلى هدفٍ

'كم مُحيطٍ سأعبرُ كي أرى / تاريخنا'

(سِوار)

أهديتُ للضوءِ ذاكرتي وغابْ

ثم عادَ الضوءُ إلى الشوارعِ والمدينةْ

وذاكرتي -لم تعُدْ-

(مرافقة)

هذهِ المعابدُ تجرُّنا للموتِ معاً

خلفَ جُدرانٍ من الجهلِ نركضُ ياصديقي

نهرولُ نحو الموتِ ونعشُنا 'آلهة'

(صوتْ)

أترقبُ قِبلةَ الموتِ في عُنقي

لستُ الضحيةُ ، فمن أكونُ ؟

(مُقلة)

أُقلبُ هذا الدهرَ على صفيحِ موتٍ

أُشعلُ المصابيحَ التي لا تُضيءْ

لكنني لا أرى -سواك- !

(نجمة)

صامتٌ ارتاحُ في عينيكِ من الكلامْ

واقفٌ في طريقِ الأمنيةْ، 

'أن أكون أنا' 

عُملة

رأيتُ وجهَ أبي فوقَ عُملةِ النقود

رأيتُه نازحاً من بلادهْ

رأيتهُ غارقاً في دمي

وعلى يديهِ قيل للتاريخِ كُنّ

فكان أبي جوهرُ التاريخ

يُتوقُ الملوكُ إلى حصاده

أبي 

يادرهمَ الذلِ والكوليرا

ويا حربا تنوبُ عن الولادة!

الخميس، 10 يوليو 2014

الأصولية وأزماتها

منذ بداية الحرب الباردة في منتصف أربعينيات القرن العشرين وانطلاق المعسكرات شرقا وغربا في سن أسلحتها وانحياز كل منها لأحد الفريقين (الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي) , في سياق أنظمتها الداخلية أو الاقتصادية واضعة مصالحها السياسية والحزبية في طليعة الأهداف.
وكان لكل من وقف إيديولوجيا مع إحدى الطرفين  من دعم دولي منفردا عن غيره من القوى السياسية داخل البلاد والأقاليم وسرعان ما بدأت اللعبة تتسع ولم تتوقف على الأنظمة الحاكمة كما كان بل شملت الجماعات المسلحة والأحزاب المعارضة كما حدث في حرب الإتحاد السوفيتي على أفغانستان في عام 1975 وتوسع الجماعات المسلحة ونشاطاتها غير مسئولة عن توجهاتها وآفاقها لاهثة وراء مصالحها التي تضمن لها تحقيق تطلعاتها . ومع بداية تساقط الاتحاد السوفيتي وإعلان ميخائيل غورباتشوف تفكك حلف وارسو وسقوط الاتحاد وانتهاء الحروب المقدسة, أعاد كل معسكر إنتاج تطلعاته وترجمتها على أرض الواقع سواء كانت أنظمة تحاول البقاء أو جماعات حالمة في تحقيق مآربها. وسرعان ما تصاعدت الأحداث بين هذه الجماعات ( القاعدة) على سبيل المثال وبين القوى الإقليمية والدولية وصولا إلى أزمة أيلول/سبتمبر 2001 واستهدافها للقوة العظمى في العالم الجديد عازمة على خوض الصراع ومن ثم أحداث تولوز الفرنسية.
ومنذ وقوع أحداث أيلول استخدمت هالة الحادثة في شن حرب مضادة ضد القاعدة وتقويض إمكاناتها في إرهاب المجتمع الدولي قادته الولايات المتحدة وحلفاؤها. كونت الأمم المتحدة تحالفا أمنيا وبدأت الولايات المتحدة وفرنسا في شن حروبهم السياسية والاجتماعية والإعلامية تجاه التطرف واستطاعت في التقليل من سلسلة الحوادث داخليا مقارنة بدول المشرق والشرق الأوسط.
أما وقد كنا شركاء في ذلك على الصعيد الأمني وقد ساهمنا جليا في ذلك منذ النداء الأول وقد كانت معظم الدول العربية حاضرة في مدريد عند إقرار الأمم المتحدة لبرنامجها في مكافحة الإرهاب والذي تلخص في كل من:
1)      إثناء الجماعات الساخطة عن اختيار الإرهاب
2)      حرمان الإرهابيين من وسائل تنفيذ هجماتهم
3)      ردع الدول عن دعم الإرهابيين
4)      تطوير قدرة الدول على منع الإرهاب
5)      الدفاع عن حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب
ولاشك في مساهمتنا في تدعيم الجانب الأمني والاقتصادي في مكافحة الإرهاب ويبقى ما الخلل إذا لماذا تحتوي تلك الجماعات على أعداد كبيرة من مواطني الدول العربية بالتحديد؟, صحيح أن منطلقات هذه الجماعات أصولية بالدرجة الأولى وتأخذ مرجعيتها من السلف أو من التاريخ الماضي رافعة شعاراتها في مواجهة الحقيقة الحالية واسترداد الأزمنة الساحقة ولكن لماذا أحرز شركاؤنا تقدما في حربهم ضد الإرهاب أكثر مما فعلنا ؟ ولماذا فشلنا عربيا في تكوين نماذج واقعية قادرة على التعاطي والمشاركة وعلى مواجهة ذلك اجتماعيا واقتصاديا وفكريا؟

وكان من الصعب جدا على مختلف الدول أن تتحول إلى أجهزة أمنية تراقب نشاطات مواطنيها ليلا ونهارا ولذا فعلى سبيل المثال نجحت الولايات المتحدة وفرنسا في خلق فضاء معادي للإرهاب وثقافة مضادة ظهرت في تعاطي الإعلام مع حالة القاعدة على سبيل المثال وكما ذكر المفكر على حرب في كتابة أزمنة الحداثة الفائقة والذي يتحدث فيه عن المشروع الأمريكي للإصلاح العربي في مؤتمر الاسكندرية وتطلعاته لمحاربة هذه الظاهرة يقول : "إن ما  حدث من هجمات إرهابية ليس عمل إرهابي بحت , وإنما هو فعل ثقافي بقدر ما هو حدث فكري "  ويتابع : "إن معالجة الإرهاب تحتاج إلى إجراءات أمنية بقدر ما تحتاج إلى تحولات في بنية الثقافة بثوابتها ونماذجها أو ببرامجها وتعليمها" .

إن الحديث عن إلغاء الأنشطة والسلوكيات المحتمل تحولها إلى فكر إرهابي ليس كافيا لتفادي ذلك فالمجتمعات تشكل ما يلائمها وثقافتها بأي شكل كان كالمجتمع السوفيتي وعالمه الباطني الذي كان مغايرا تماما للواقع الظاهر. لذا فإن التحول الثقافي للمجتمعات العربية لابد وأن يكون شاغلنا الأول في مواجهة القضايا أجمع ولا ننسى أننا كجزء من هذا العالم مسئولون عن المتغيرات كافة فكيف بالظاهر التي تجعلنا في مقدمة الانحسار والتراجع ؟
إن ظاهرة الخلافة تعبر عن تحول جذري من الحلم للواقع للتطرف والأصولية ومهما أصبغت بالخطورة أو التهميش لن نغفل عن كونها واقعا جديدا يفتح الباب لظاهرة اندثرت منذ عقود ولو كانت متواجدة في أشكال أخرى وابتعادنا عن نقد الموروث السلفي للعقل العربي الجمعي يؤكد عجزنا في تجاوز الواقع.

وأخيرا إن الشعارات لم تعد كافية لمواجهة التحول الزمني والفكري دون اتخاذ ضروريات التقد في سبيل الحصول على مجتمعات أكثر صلة بالواقع تعيد إنتاج مؤسساتها وتطرح حلولا للإشكالات والتحولات دون الاعتماد على قوالب مسبقة وجامدة.


المدينة المنورة 
10 يوليو 2014

الأحد، 22 يونيو 2014

الهوية وأزماتها ..


تخوض الشعوب أشكالاً من الصمود والمقاومة في السبيل إلى الحياة والعيش وتبقى سلوكياتها معلقة بمدى تقدمها في تكريس الإنفعالات وقراءتها سواء كانت فكرية أو جسدية أو متعلقة بالبقاء أو العدم. وفي هذا الصدد تتطور شكليات السلوك متخذةً مُبرراتها المواتية للظروف والصيرورة.

إن النفس البشرية عادةً ما تهب للقيام بمهماتها إذا ما شعرت بإنحسار وجودها محاولةً أن تمحو مخاوف اختفاء ملامحها عن طريق تكرار معتقداتها وتأثيراتها على الكون والوجود. وفي هذا الصدد تتبدل الأسباب لكل جنس وفئة فالأمم التي تمر بمراحل اتزان هويتها وبزوغ ثقافتها تلجأ إلى تجسيد شعاراتها أو سلوكياتها الصورية  أو نتاجها الفكري أو رموزها التاريخية في السلم والحرب في سبيل أن تقول للكون أنها 'هُنا' !.


وكلما كان خطاب الهوية مهزوزاً اقتربت الشعوب في نكباتها أو أزماتها من بدائية الفطرة ولجأت نخبها إلى التعبير عن وجودها بأشكال أقرب إلى الفطرة منها إلى إلى النتاج الحقيقي للشعوب ، ففي بعض الأحيان تلجأ الشعوب للتعريف عن نفسها عن طريق الجنس أو المعتقد أو الأساطير البالية أو النخب المهتزة بدلا من استخدام معاير الزمن والعصر لإثبات قدرتها على البقاء وكلما نظرنا إلى الأزمات المتعددة التي مرت في التاريخ والسبل المتخذة للتعامل معها من قبل الشعوب المتأزمة وجدنا تبايُناً واضحا ومرتبطاً بماهية الشعب المتأزم ومدى قدرة الجانب الحي من موروثهِ للتصدي للإزمة المطروحة.

وعلى سبيل المثال ما كان عليه الحراك المجتمعي في الهند لمواجهة الاستعمار أو الحماية البريطانية على مدى قرنين من الزمن وماحدث من اتساع للطبقة المتوسطة التي حاولت أن تحافظ على وجودها للحد الذي جعلها تتشارك في العادات والتقاليد وتعممها حرفيا مع اختلاف المعتقدات لأفرادها ويُدلل على ذلك مدى تشابه السلوكيات اليومية حتى تلك الغذائية أيضاً لأغلب فئات الهند المندمجة في كيان موحد. 

 وربما يُفاجئُنا الحديث عن حالات (شعوب) أخرى واجهت الإقصاء أو الاستعمار بأشكال مختلفة ومنها والتي نلاحظ انصياعها لرموز وأشخاص بذاتهم ومحاولة إيجاد إطار محدد للوقوف عليه ففي الحالة العربية عموماً دائما ما نسمع ونلحظ ترويجاً للشعارات القطعية كالبطل فلان والشهيد فلان والعظيم فلان والملك الصالح فلان إلخ .. ويقتضي ذلك وجود فلان المنتمي لفلان وفلان الناصري وفلان الزيدي وفلان الدستوري وهلمَّ جرا ..

ويؤكد ذلك يوما بعد يوم أننا نعاني من أزمة في صيغة للهوية والثقافة المشتركة للشعوب العربية التي تواجه مصيراً مشتركاً أيضاً وهي التي لا تزال غارقةً في الرمزية وفي الماضي دون اللجوء لصياغة معنى حقيقي للوجود.

فما يُمكننا أن نتحدث عنه هو الإدراك بعالمية الشأن العربي وإمكانية الهوية في مواكبة الظروف والتطلعات في آن واحد مع المساهمة في إثراء الثقافة العالمية والإبتكار العالمي فالشعوب التي تنقرض ثقافياً هي التي لا تساهم في الإنتاج البشري ككل وتظل معلقةً في ماضويتها وانعزالها دون القدرة على نقد موروثها ومحاكاة حاضرها والتطلع إلى مستقبلها.


المدينة المنورة

٢٢ يونيو ٢٠١٤

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

النخبة ومفهوم الدولة

بدايةً من نشوء الحدود القطرية في العالم العربي والصراع بين بين الهويات القديمة (الجزئية) والهويات المتجددة (العامة) في تزايد وتصاعد وكلما وصلت الأمور في زمن ما إلى نقاط فارقة، تخرج هذه الصراعات في صورتها الحقيقية مؤكدةً على استحالة تصورها بدقة في مراحل عدم الاتزان، في الوقت الذي تظهر فيه إمكانية مساءلتها والتأثير فيها وربما التأثر بأبعادها. 
وتبقى الجدلية الممتدة في محاولة تقيدها ووضعها داخل قوالب محددة في سياق التجسيد الذي يجعلنا أكثر قدرة على مسابقتها نحو المستقبل ودفعها في سبيل القيم العليا أمراً لا يخضع إلى شيء بعينه إنما لسلسلة أحداث وذكريات مديدة لا يحكمها شيء.


ويبقى الصراع الأولي على الجسد والغذاء متداخلاً في تكوين الهيئة المجتمعية لكل الشعوب والأجناس ولاعباً أساسيا في تحريكها لا سيما أنه يعزز الأدوات التقليمية الأولية كذلك وهي التي تقوم على اللون والشكل والطقوس دينية أو مجتمعية ويبدو ذلك واضحاً في تكوين النخب المثقفة في المجتمعات التي يختلط بها الدين والدولة والنظام والمجتمع. 
وكل ذلك يبدو لنا واضحاً في المراحل الانتقالية للقوميات والشعوب وإذا ما استقينا من نموذج العصور الوسطى أوربيا أو في بداية الثورة الأمريكية سنجد أن الصراع يأخذ أشكالاً متعددة يعبر عنها أشخاص بعينهم كممثلين عن هويات جزئية ولكن بسلطة عامة ولكن سرعان ما تبدأ المجتمعات في تفصيل هوياتها في سبيل الوصول إلى هوية عامة ويبدو غريبا جدا إذا ما نظرنا إلى الآباء المؤسسين في الولايات المتحدة وكيف أصبحو بحد ذاتهم تمثيلاً شاملاً لهوية وطنية كاملة ولكن لم يمض كثيراً حتى تجدد هذهِ الهوية وانصهرت في فضاء مجتمعي عام له أطروحاته المتسقة مع الظروف والعصر والمستقبل وليست مقيدة بما كان يعتقده الآباء ولا بتبني وجهات نظرهم عن القضايا ، ولا بتبني آراءهم الشاملة. 

ولو أخذنا جون لوك كمثال عن ذلك سنجد أن غالبية النخب الأمريكية التي مرت على مر القرن الأخير لا تتبنى رسالته للتسامح التي يرفض فيها التسامح مع 'الكاثوليك' أو 'الملحدين على حد وصفه وهذا ناتجاً عن تطور المفهوم العلماني للدولة وبوصفها هوية تحتفظ بكامل هوياتها الجزئية وليست حبيسة لآراء ممثليها الأوائل والدليل على ذلك توجهات المؤسسات المدنية في محاولة التسوية العارمة لأفراد مجتمعاتها والأمثلة شاهدة على ذلك.


وفي العالم العربي اليوم وبعد الأحداث المتواترة التي شكلت منعرجاً تاريخياً في حياة العرب اتضح لنا أننا أكثر بُعداً من طموحاتنا ولا سيما على مستوى النخب وبدا هذا واضحا في خطابات النخب التي لا زالت تلخص مفهوم الشعب أو الجماعة في شخصيات بعينها لا يمكن أن تحيد عنها قدر أنملة. ولا نستغرب اليوم إذا رأينا صحفيا يُحسب على نخبة في بلد ما أن يُبرر هجومه أو حقده على شعوب بعينها بسبب تصرفات زعماء غابرين لها مما يؤكد على أن شرخاً واسعا في مفهوم الدولة والنظام يتباعد في تكون العقل المجتمعي لنا ، ومن المؤسف أن كهذه العقليات التي عاشت بيننا الخمسة قرون الماضية بوصفها نخباً لم يشأ لها القدر أن تراقب ماهية الدولة كحقيقة قابلة للتغير بالرغم من إدراكها لإنفصال الدولة العربية القطرية الغارقة في النظام عن ثقافة شعوبها وتطلعاتها. وكمثال سيبرر لك هذا الصحفي  أو الكاتب-المحسوب على النخبة- عداوته لشعب ما بسبب احتلال حاكمه المتسبط لدولة أخرى راميا بذلك كل الأسباب عرض الحائط والأمثلة تطول.


وفي النهاية لابُد أن نُقر بأن الصورة ليست سوداوية بهذا الشكل السالف ذكره وإنما هذه عينات فقدت قدرتها على فهم الخطاب الشبابي ولازالت بعيدة عن أبعاده ومفاهيمه، وأمكانيته على كسر حاجز المفهوم 'السلطوي' الذي يجمد عقلية المثقف وآراءه.


الظهران

٦ جوان ٢٠١٤

الثلاثاء، 20 مايو 2014

نثريةُ امرأة

بعدَ أن أرهقت عينيّ من السهر

بدا وجهها الغريبُ يتفتتُ من عبقِ الذاكرة

ويتفجرُ من أُغنيتي

كان جسدُها يؤرخُ مقطوعةً للقراصنةِ الهاربين

إلى الأندلس

يُحاصرُون الغجرَ والأكبادَ الذين يناوؤنَ الغضب!

من أين يأتي الربيعُ .. لازلتُ اسألُ

وكيفَ يقتحمُ قلبكَ هذا السيلُ المُدججُ بالأنوثة ؟

كنتُ اذكرُ أنيّ أُحبُكِ كالمدينة

كالبعثِ الذي يختزلُ المحيطَ في دمعةٍ أزليةٍ

أو كأرضٍ جفّتْ من القهرِ وأقدامِ الصخبْ

لازلتُ أرى الأشياءَ كلها تتوالدُ من رحمِ السحابة

أيتها السماءُ الثامنة !


الظهران 

١٩ مايو ٢٠١٤

الثلاثاء، 6 مايو 2014

بين الكيان والفرد

في عام 1916، كتب الفيلسوف الألماني "مارتن هايدغر" إلى زوجته "إلفريد" يقول: إن تهويد ثقافتنا والجماعات مرعب فعلاً، وأعتقد أن على العرق الألماني أن يجد ما يكفي من القدرات الداخلية كي يصل إلى القمة". وفي عام 1933، كتب إليها أيضا بخصوص الفيلسوف "كارل ياسبرس"، وهو من أصدقائه المقربين يقول: "يزعزع كياني أن أرى كيف أنّ هذا الرجل، الألماني الخالص، بغريزته الأكثر أصالة، الذي يدرك الضرورة القصوى لقدرنا... يبقى مرتبطا بزوجته". وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذه الزوجة يهودية. ولقد أجاب هايدغرعلى سؤال صديقه "ياسبرس" الذي سأله، كيف يمكن أن يحمل رجل مثقف مثله ذرة إعجاب واحدة بشخصية تافهة وفظة كهتلر، بالقول: "يداه جميلتان جدا"!.


تحمل هذه الرسائل دلائل عميقة حول إمكانية تضخم الذات المفكرة، وتطويعها بشكل راديكالي فظيع من طرف الأيديولوجيا، وتحويلها إلى مصدر الشر الأصيل الذي يهدم قيم النبل، والحرية الإنسانية الطبيعية للفكر الإنساني. ولعل أَثر "مارتن هايدغر" بانشغالاته الفلسفية، وإسهاماته الكثيرة في الفلسفة الحديثة، وبالموازاة مع قناعاته السياسية المثيرة للجدل، جعلت منه أحد أعمدة "كتيبة العاصفة في الفكر"، كما سماه الفرنسي "جورج لوكاش".

إنّ الإشكالية المطروحة هنا، بكل تعقيداتها وتداخلاتها المعرفية، هي في ماهية المثقف نفسه، في تعريفه ودوره أو أدواره، وفي المساحات المتاحة له، في تمييزه عن السياسي إن وجد هذا التمييز، ثم في التزامه أو عدم التزامه بدوره الأساسي في محيطه المجتمعي.

كان ذلك عن المثقف الأوربي الذي تطور من حينها تطوراً هائلا.لكن المثقف العربي تراجع كثيرا في مرحلة الضعف الكبرى، والتي يمكن أن نؤرخ لها منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي، عن مكتسبات الريادة الثقافية والفكرية في وطن جريح ومستلب، من طرف أنظمة استبدادية شكلت الجهة الوحيدة الموجِهة لخيارات الدولة والمجتمع معا، بدون منازع أو معارض. وربما الأمر المُستحدث هو ظهور مثقفي السلطة، الذين يناضلون من أجل بقاء السلطة الحاكمة ونُمِّوها ونُضجها، مستعملين وسائل الدفاع المشروعة وغير المشروعة أخلاقيا وقيميا، من أجل إنجاح تَمركُز السلطة الحاكمة مايعني أنه أصبح يؤدي دوراً وظيفياً بلا معنى ويرجع ذلك لسببين : الأول إنه قد أصبح أداة من الأدوات سواء في يد السلطة الحاكمة أو الموروث الماضوي. الثاني: عدم قدرته من تخطي المحيط المجتمعي وإنعزاله عن الإبداع المعرفي والثقافي. 

وقد خرجت علينا اليوم عربياً موجة متجددة من الرجعية الثقافية التي تُمجد الأفراد والسلوكيات العبثية (صالحة أم طالحة) في سبيل اللاشيء ربما مما يُؤكد انعدام الفكر المؤسسي للمجتمعات العربية في ظل انعدام الفكر المتجدد والتصورات الجادة لدول مؤسسات قادرة على إنتاج ذاتها. وها بنا نجد أن الصفحات تمتلئ بالمقارنات بينهم وبين العلماء بل بينهم وبين رؤساء الدول الديموقراطية مع إيمان تام بتفوقهم وربما بينهم وبين الفلاسفة ! .. وهلمَّ جرا.
وقد لا نلوّمهم في حين إنعدام الهوامش التقدم الفكري في ظل التسلط الديني والعلماني في سياق المجتمع مما يجعل المثقف في صراع "إما كذلك أو فلا"
 
وكنّا نؤكد قبل سنوات عن تأثير الجمهور المباشر على المثقف وأدواته، ولصدفةٍ كونيةٍ ما أو صدمة فكرية سمرت عقول المثقفين أو بعضهم عن هذا الحديث مما جعلهم أدوات مُفردة تستخدمها السلطات والجماهير معاً .. حتى ذلك الحشد الديني القديم في حين أن المثقف أصبح عاجزاً عن تكوين فكرة ما ابتداعاً ! .. وقد رأيناهم أنفسهم عاجزين عن فهم الإختلافات والآراء المتباينة. وأعلم جيداً أن هناك من سيؤكد على وجوب عدم إطلاق مصطلح المثقف على هؤلاء .. ولكن إيماناً بوجوب محاكاة العقول بسياقاتها كان لابد من ذلك في ظل استمرار الغياب للمثقف الحقيقي المحافظ الذي يرى وجوب التطوير في ظل الرجعية مع الأخذ في الاعتبار الظروف والمتغيرات في ظل انغماس المعنى المحافظ للدول داخل الأنظمة.

٦مايو ٢٠١٤
 
أبوظبي

الاثنين، 21 أبريل 2014

وطنٌ وآلهة


نفسي ترومُ الجوعَ 

لتقتُلَّ وجهها

وهذا النومُ قد غطى 

على كبدي

وطني يُصلي لآلهةٍ

تمصُّ الدمَ من جسدي

تُراني الجرح موصوماً بخارطتي

تُراني الحُلم مقتولاً بلا قدرِ

أم تُراني لستُ من أحدِ !


الظهران 

١٤ مارس ٢٠١٤

انتظارْ


في الانتظارِ لا يسعُنا الوقتُ
لأن نصححَ وجهَ الحقيقة
لكننا نرتاحُ من مرآتنا
من رؤيةِ الوجهِ الذي يشبهُ أشكالنا
في مكانِ التعبْ ..
هكذا يُولدُ الموتُ في مكانِ الانتظارْ! 


جدة 

٢٤ مارس ٢٠١٤

تباعُدْ ..

تتباعدُ من نفسها نفسي

أُحاولُ أن أُمدد هذا الجسد

وأتصوّرُ أنني أنجو

من كلِّ شيءٍ سوايّ 

أُجسدُ هذا الشحوب

وافتحُ بوابةَ الغيبِ لنورِ الجسدْ

تُرى هل أكونُ الصراطَ الأبدْ؟!



جدة 


٢٤ مارس ٢٠١٤

مسِّيحْ

ليس هذا الوقتُ المُكرسُ للعثور على الضريحْ

يا طفلةَ الذبحِ البريئة

ليس هذا المسيحْ

ليسَ هذا الوقتُ المُدججُ بالعراءِ أو النبيحْ

أيُّ قطارٍ تركبين 

للبحثِ عن الطريقةْ

أيُّ وقتٍ أو يقين

يا موسيقانا التي هاجرتْ

فوقَ أعراقِ الجبينْ


الظهران

١ أبريل ٢٠١٤

شهوةْ ..

لابُد أن نُطيل العناق

وأمامنا شهوةٌ للقيامة

للموتِ سبيلٌ واحدٌ

أن تظلَّ أجسادُنا تحترق


جدة

٢٣ مارس ٢٠١٤

تيّهْ ..

في التيهِ أفتحُ خطوتي

للشمسِ والمآذنِ التائهة

أُصليّ .. للإلهْ

اغرقُ في الشكلِ والجباهْ

وقارعةِ السكون

نحنُ أبناءُ الأبدْ

الواحدُ الأحدْ

نحنُ أبناءَ التُرابِ الذي يخون

الأرضَ والعيون

واللهَ والجسدْ




الظهران 

٧ أبريل ٢٠١٤


محتمل!

عندما يبتعد الجميع لأجل أن ينطفئ كل شيء، ومن أجل أن تولد عيناكَ من جديد في ضياءِ التعرفة. هم يفعلون ذلكَ دون أن يعلمون يفعلون ذلك لأن العالم يتسعُ في صدورهم رغما عنهم، وهل للعالم إلا أن يتسع!.

ربما يتفجر السؤال في عقلِ طفلةٍ على جبلِ العرب فيضيءُ الشرقَ بأكمله .. ربما تتعثرُ في البحرِ الأحمرِ تنهيدةً يقصرُ هذا الموجُ وينحني، لا شيءَ هنالك يبقى سوى -المُحتمل-. 
لأن الصوتَ الذي يترددُ على حافةِ الماءِ يجبِرنا أن نعوم في الأمل ونوّغل في الحقيقةِ والخيال، وكلما نبشَ الآخرون عن حقيقة استشاط الخيالُ جسدَ الحياة، لا تخف أيّها التائهُ في الطرقات فكلما أرادوا أن يهربوا عن وجهك لن يجدون طريقاً إلا إليك، إنني أقول أن لا شيءَ يمكن أن يجيءَ سوى ذلك المُحتمل!

المدينة النبوية

٢١ أبريل ٢٠١٤

الاثنين، 14 أبريل 2014

رسائل ١


بعد التحية أيتها القريبة البعيدة، وبلا عناق ابدأ الحديث ، تماما كما يفعلون في بلادنا. أقصدُ في هذهِ البلاد فلا فرق هنا في التسميات فكل شيء فقد اسمه هنا ، الطفل والابن والأب لم يعد يتحمل هذا المكان أحداً منهم ، لم يعد يحتمل سوى الخوف، الخوف ياصديقتي يحرك كل شيء هنا ، الخوف يختصر الطرقات كلها والخوف يؤجل الأحلام ويأتي بها.


البارحة مررت بشارعٍ أبيض، نعم كان كذلك وكان كل من فيه متشابهون أعرف أنكِ لن تصدقي هذا ولكن هكذا رأيتهم ، رأيت ابناً يحمل الماضي فوق رأسه وأباً يشدُّ على خصره إزارا قديما لكي يحميه من الحاضر والمستقبل. أتعلمين أن الناس هنا لا يخافون الموت؟ بل هم يخافون الحياة أكثر .. سألت حكيما ذات مره ماهي الحياة ؟ ، وأجاب: الخوف ثم الخوف وخاف أن ينطق بالثالثة. يُخيلُ لي أن من لا يخاف من الحياة سيفقدها أو هكذا تعلمت هنا. ماذا تريدين أن أُخبرك ؟ عن السجن أو المنفى فهذه أسماء تتكرر لدى الأمهات هنا وكأنهن ولدن أبناءهم هبةً للخوف أو رهن الإعتقال ، لم يعد هذا مهما الذي يهمهنَّ الآن كيف يرضعون أطفالهم الخوف حتى لايدخلون باب الحياة!. لن أخبرك عن الطقس أو ازدحام المساء فرغم كل شيء الصمت لازال مسيطراً. تذكرين كم أخبرتك أنني مُتفائل ، لم أعد كذلك أحاول الآن أن أتهجأُ هذا الخوف أُحاول نسيان عقلي في مكان ما ، ربما في كرسي الانتظار في أحد المستشفيات الرديئة أو في المطارات المزدحمة بالمسافرين الذين يفرون لاستنشاق الحياة كل بضعة أشهر. أحاول الخوف نعم أحاول التصالح مع الفساد الذي يملأ الأروقة والرجعية في كل مكان ، أعلم أنني سأفشل في هذا حتماً ، ولكنني أريد أن اكتب المزيد من الرسائل ، المزيد منها إلى الحد الذي سيجعلكِ لاحقاً تمرين مرور الكرام على هذا التذمر، ولكن تذكري أنني لا أتذمر إنني أحاول الخوف فقط.


 أتعلمين لماذا؟ لأن الخوف هنا لا ينكسر إلا بالجوع هكذا يقول شيخ البادية والصبي والأب .. نسيت فلا فرق بينهم هنا كما أخبرتك ، على كل حال سأذهب الآن للبحث عن تمردٍ لا وجود له ، سأذهب حيث شاؤوا أو كما شئت فهذا لا يهم أيضا وأرجوكِ أن تتركي الشباك مفتوح على الأيام لربما يصرخ أحدهم ويعودون إلى الحياة.


الدوحة 

الأحد، 6 أبريل 2014

رصاصةْ .. رُبما

إنه لأمر مخجل، أن أموت في قصفٍ عشوائي بحينا، أو في مركبة مع الأصدقاء، أو غرقاً مع الركاب، أو بالتماسٍ كهربائي أروح ضحيته أنا ومن كان بجانبي. 
إنه لأمرٌ يؤرقني أن أموت صُدفة، مع جماعة .. دون خطة.


أن أموت بسبب خطأ مفاجئ أو عثرة لم أرتكبها، أن أموت والجاني لم يقصد ذلك .. أن أموت دون أن يستعد الموت لفرض تحدياته، ونشر قلقه .. وترجيح خسارته أمامي .


بقلم / سلمى (السد العالي)

@i_salma9


الخميس، 3 أبريل 2014

أوديسْ

أبحثُ عن أوديس

في البلادِ القديمة،

أبحثُ عن مكان

في ساحتي اليتيمة

أبحثُ في الضباب

عن وجهها والتراب

وعن وجهٍ

يُصارعُ الهزيمة!


الظهران 

٢١ يناير ٢٠١٤

الأربعاء، 2 أبريل 2014

سؤال !

أتساءلُ .. أي هذهِ الأمنياتِ 
تسطعُ في جسدي
تُقاسمني هذا الترقب
وتكشفُ عن ذكرياتٍ
تُعيدُ الأرق ! ..
من أجل أن تخرجَ يدُّ اللهِ لي
لا بُد أن أُعيدَ الزمان
وهذا المكانُ لا ينتظرْ! 


جدة 

٢ أبريل ٢٠١٤

الجمعة، 28 مارس 2014

شُرفة


تقفُّ على هذهِ الشُرفات
أمامُكَ الموتُ  ..  وخلفُكَ قارعة !
للصُبحِ تختزنُ الرؤى
للقمرِ المُحلقِ في عيناكَ
مصابيحٌ لا تُضاء
لا شيءَ يسكنُ فوقَ رأسكَ
لا وحيٌّ يصعدُ في خيالك .. ولا نبوءة ! 
أتأملُّ وجهَ الحقيقةِ في شارعِ الحيّ
في المآذنِ المنصوبةِ في صدرِ الرؤى
في الأماكن والطرقات
في البحرِ الماثِلِ أمامَ الشيءِ واللاشيء
في قلبِ أُغنيتي
وفي القدرِ المُتكلسِ قبلِ  الحقيقة


جدة 

٢٧ مارس ٢٠١٤

الثلاثاء، 25 مارس 2014

لونٌ واحد

أشربُّ هذا الظلَّ ثم أسألهُ عن قدرٍ ينتظرني وراءَ الخليج، هل لأن المقعد الخالي على شاطئِ البحرِ لا يعني للقدرـ شيئاً؟ أم أن هذا الضباب يفتتُ وجهَ الحقيقة؟.


ولأن وجهَ الصباحِ الذي يظهرُ على سطحِ الماءِ يُبخرُ هذا الاحتمال ، لأي أعمى تودُّ الرياحُ أن تُحيّلَ سؤالها؟ ، وفي أي عينٍ تُريدُ لبحرها أن يسبح؟. هكذا تنحترُ الأسئلةُ كلَّ ليلة ، ما إن بدأ الكائنُ الليليُّ النهوضَ من السُبات أو السُكات! ، فالمترادفاتِ هنا تُطابقُ نفسها وإن كان الصمتُ موتاً في دهاليز الحياة!

الخبر 

٢٥ مارس ٢٠١٤

السبت، 22 مارس 2014

قراءة لمرةٍ واحدة .. ربما !

أتنفسُ لكن هذا الفضاءَ لا يُحركُ رئتيَّ كما يجب
عند اختناقي كانت الرياحُ تأكلني ولا تعرفُ أنّ لي قدمان تتحركُ في الهواء ، أُصلي .. ولكنَ الصلاةَ لا تُطفئُ الغضب ، ولا تغسلُ عن عيني سوادَ هذا الأُفق، إني أرى شبحاً يُغطي رؤوس العابرينَ إلي ، أرى قدراً يُزيحُ أقدامَ الحياةِ من الصبايا، أرى علَقاً يُكسرُ أفئدةَ البشرِ والمطر.

ما الذي يضعُ الحياةَ على طاولةِ الانتظار؟ ، ألم يكن هذا الإنتظارُ ملجأً للوقوفِ على الزوبعة، أو ملاذا للبقاءِ في التاريخِ والإحتمال. هناكَ قافلةٌ تغرقُ في صدرِي الآن، تغرقُ قبل أن تُشرقَ شمسٌ تكشفُ عن لونها ،عن آيةِ اللهِ التي احتضنها الكون في كلمة، تبحثُ هذهِ القافلةُ عن صوتٍ يُخرجها من قاعِ الصمت ، عن إيقاعٍ يصعدُ بها إلى سطحِ القيامة. ذلكَ الإيقاعُ الذي جعل السُنباطي يخرجُ من طوقِ الكلام، ذلكَ الإيقاعُ الذي يتجددُ في مخيلةِ سليم سحاب وفي ذاكرة السُفن والصحاري.

هل تحتاجُ هذهِ الأحلامُ إلى نبوءاتٍ تُخرجها من صدرِ الحقيقة، من قرآنِ الغيبِ إلى قلبِ الحدث؟ ، لماذا أشعرُ بأن هذا الكون صامتاً وأُذناي لا تحتملانِ الضجيج؟ ، هل أبحثُ عن قدرِ يسحقُني مثلَ دخانِ هذهِ السجائر؟ ، أم أن موتاً ما يتربصُ بي، يقسمُني إلى عظامٍ ميت! .



جدة
٢٢ مارس ٢٠١٤

الثلاثاء، 18 مارس 2014

هُروب

كل الطفولة التي فقدت أمام الحقيقة كانت فراراً من الخيالِ واللعبة، تعيش هذا الزمن كأنكَ فضاءً بين القضاءِ والقدر. تلك المعرفةُ المغتصبة تتركُ على وجهكَ بقايا لمساتها البريئة. 

كلماتٌ تنهمرُ من كلِّ صوب ، كلماتٌ لا أفهمها كلماتٌ لا تكشفُ عن شكلها كي لا تموت في الذاكرة، أحلامُكَ التي أصابها العمى، ضحكاتك المتواترة على مهدِ الحياة ، ووجهٌ آخرٌ يحتسي دموعكَ ليحيى !



ما الذي تتركه يديك على طاولةِ الكلام، على مصيركَ المُلقى في التواريخِ القادمة، أنتَ وهذا البحرُ تبحثان عن مُتسعٍ للعبورِ نحو القدر أنتَ وهذا الخليجُ تحتضران بين قوائمِ الصحراء ، أنتَ والماءُ تحاولان النفاذَ نحو الزمن الجديد، الزمنُ الذي لا يُشبهُ أحداً سواكم. هل هذا هو الوجهُ الذي ارتسم في لوحِ الكونِ كي يكونَ قيامتكم؟، هل هذا الحصارُ يزعج القدرَ المترهلَ في عُمق الذكريات، وأنتما تريان رأسيكما في قاعِ الميراثِ المُختنق. لعلَّكم تنتظرون ذاك الذي تسللّ في القرونِ الأولى ليفتحَ الباب على مصراعيه أمام أعيّن البدو الذينَ انتعلوا الوجع، لعلّكم تقرأون في كتابٍ أبيض تلطخَ بدماءِ الحقيقة، ما الحقيقة؟ 
ما الدماءُ التي انتثرت على قامةِ الفرح، أنتَ يا من مضى لا تزالُ حائراً في هذا السجن، لا تعرفُ قدراً يُخلصكَ من هذهِ السلال، لا تعرفُ اسماً واحداً يُبقيكَ حيّا في غياهبِ المستقبل ولكنكَ اغتصبتَ أسماءنا لتعيشَ هذهِ الدُنيا دونَ أن تموت. أتأملُ جسدي المكتظُّ بالذكريات ، فلا أجدُ بهِ ما يعبرُ عن هذهِ الحياة، أصنامٌ لا زالت تأكلُ قدميَّ كي لا أسير وأنتَ لا تزالُ أنا ! 




هذهِ الفلكُ تجري إلى ماضٍ لا يعود ، إلى طريق الرجوعِ المغلق، وهذا الوطن يُجامعُ أبناءهُ أمام ساحة الموتى ، لماذا تركتَ الحُصانَ دونَ أن يكشفَ عن وجههِ أيّها الماضي ، أرى جبلاً لا يعصمنا أرى أُحداً لا يتركُ مجازاً للإلتفافِ على الحقيقة، أرى حقيقةً لا تُؤمن بأن الرحمَ يفتكُ بالجنينِ المُنتظر، أيتها الشمسُ الحائرة بين العواصمِ الصامتة لا تقولي لهذا الصبحِ أن يرحل دونَ أن نتوضأ بالأمل، دونَ أن نغرفَ من ثورةِ الجوعِ ما يُسكت شهوةَ التهلكة فإن السماءَ تخون السماء.








المدينة المنورة

١٥ مارس ٢٠١٤

الأحد، 23 فبراير 2014

أغنيات

لألفِ أغنيةٍ على الشاطئِ المُلقى
في عاصفةِ الصحاري
يتحدثُ المارةُ عن أسمائهم
وعن أماكنِ الولادة ..
يطلُّ هذا الخليجُ
على جنةٍ لا تُطاق، 
ويصرخ أبناؤها من لذةِ المنفى ..
أيّها النايُّ الجنوبيُّ الذي
اقتربَ من قاعِ الحقيقة :
الموتُ آيةٌ، والصمتُ غايتُها

الخميس، 30 يناير 2014

وداع القيامة

للمغادرين من هذهِ الحياة بهدوءٍ قاتم، ليس هدوءً يعرفونه ولكن الضجيج حولهم يشيعهم بصمت. 
تذكرت يوم ١٠ فبراير ٢٠١١ عندما ثارت مصر الأولى ، بلادُ رمسيس الذي كتب أول خطوط السلام ، في ذات اللحظات غادر الفريق سعد الشاذلي قائد حرب أكتوبر والذي خرج بعد ذلك شريداً متمرداً في الأقطار دونَ أن يُخلف من ورائهِ ضجيجا يُشبهه إلا أبياتُ شوقي:

اخترت يومَ الهولِ يومَ وداعِ
ونعاكَ في عصفِ الرياح الناعي
هتفَ النعاةُ ضحى فأوصدَ دونهم
جرحُ الرئيسِ منافذَ الأسماعِ
من ماتَ في يومِ القيامةِ لم يجدْ
قدماً تُشيعُ أو حفاوة ساعي

الظهران ٣٠ يناير ٢٠١٤

الخميس، 16 يناير 2014

مُجابهة

يبحثُ عن كلماتهِ ثمَّ يُلقي بها على مسمعيها ، هكذا يُختصرُ الكونَ في حديثٍ بين غريبين. كان الغريبُ يدفعُ عُمرهُ للوقوفِ على وطنٍ تكونُ الغريبةُ فيه ، هكذا تبدو الحياةُ صعبة في قصاصات الورق الصغيرة.

يوجدُ في الطرقات القليلُ من الأمل، هكذا يقول ثم يتركُ نار الجموحِ تشعلُ أسفل رأسه، في مثل هذهِ الأوطانِ لا شيءَ أقرب من المنفى. كلمّا اقتربت قدماكَ من النزول سيجهشُ الموجُ بخيالهِ ثم يُبعدُها هكذا تبدو الصورة في خيالات الغريب.

في مكانٍ تلفظُ الأرواحُ نشوتها الأخيرة ، يكونُ لكلِ شيءٍ قدرٌ يُفسرُ خيبته، ربما يأتي الحُبُّ على سطوةِ الألم، ويشبههُ كثيراً يتحركُ في محيطهِ المُغلق. لا يُفرقُ هذا الفتى بين لعثمةِ الحبِّ والخوف، جميعها تحضر في كل وقتٍ وآن. بين أن تقول "أُحبك" و "لا" شعرةٌ لا تُرى هكذا بُكتبُ على جدران الوطن ، ويُكتبُ في صحائفٍ لا تُرى إنما يبدأُ عصرَّ الفتى إذ قالَ لا فكيفَ إذا أحب! .

يُحبها دونَ أن يُفرقَ بين الجوعِ والوجع، دونَ أن يعرف كيف يُشاءُ للموتِ أن يقبض روحه حيةً ويتركها في جسدٍ غريب. أين يجدُ السبيل الذي يقرأهُ المُترفونَ في نزقِ الحياة. هذهِ بلادٌ لا يُميزها ، وهذا حنينٌ ليسَ لهُ أمدٌ يبعثُ الحكمة. عامرةً بفوضاهُ هذهِ المدينة، لا شيءَ يُجبرها على الانتظارِ سوى بلبلتهِ وقُبلاتهِ الموقوتة.

لا ثمنَ ستدفعهُ هُنا إذا لم تكن من جنسِ الذين يرون النهايات دون أن يعرفوا لها سبيلاً، ربما تصفعُ يدُّ القدرِ شيئاً يُحركُ أثقالَ هذا الإنتظار، كلمةٌ واحدة لا تكفي حتى وإن قيلت، هذا الخليجُ يسبحُ للرحيل إلى لا شيءَ إلا الأسى. يسألُ جنونه عن أسبابِ هذا الضجيج، لكنهُ لا يجيب ، من قالَ لكَ أيها الفتى أن القلوبَ لها ألسنة؟! ..


المدينة النبوية

١٦ يناير ٢٠١٤