الثلاثاء، 18 مارس 2014

هُروب

كل الطفولة التي فقدت أمام الحقيقة كانت فراراً من الخيالِ واللعبة، تعيش هذا الزمن كأنكَ فضاءً بين القضاءِ والقدر. تلك المعرفةُ المغتصبة تتركُ على وجهكَ بقايا لمساتها البريئة. 

كلماتٌ تنهمرُ من كلِّ صوب ، كلماتٌ لا أفهمها كلماتٌ لا تكشفُ عن شكلها كي لا تموت في الذاكرة، أحلامُكَ التي أصابها العمى، ضحكاتك المتواترة على مهدِ الحياة ، ووجهٌ آخرٌ يحتسي دموعكَ ليحيى !



ما الذي تتركه يديك على طاولةِ الكلام، على مصيركَ المُلقى في التواريخِ القادمة، أنتَ وهذا البحرُ تبحثان عن مُتسعٍ للعبورِ نحو القدر أنتَ وهذا الخليجُ تحتضران بين قوائمِ الصحراء ، أنتَ والماءُ تحاولان النفاذَ نحو الزمن الجديد، الزمنُ الذي لا يُشبهُ أحداً سواكم. هل هذا هو الوجهُ الذي ارتسم في لوحِ الكونِ كي يكونَ قيامتكم؟، هل هذا الحصارُ يزعج القدرَ المترهلَ في عُمق الذكريات، وأنتما تريان رأسيكما في قاعِ الميراثِ المُختنق. لعلَّكم تنتظرون ذاك الذي تسللّ في القرونِ الأولى ليفتحَ الباب على مصراعيه أمام أعيّن البدو الذينَ انتعلوا الوجع، لعلّكم تقرأون في كتابٍ أبيض تلطخَ بدماءِ الحقيقة، ما الحقيقة؟ 
ما الدماءُ التي انتثرت على قامةِ الفرح، أنتَ يا من مضى لا تزالُ حائراً في هذا السجن، لا تعرفُ قدراً يُخلصكَ من هذهِ السلال، لا تعرفُ اسماً واحداً يُبقيكَ حيّا في غياهبِ المستقبل ولكنكَ اغتصبتَ أسماءنا لتعيشَ هذهِ الدُنيا دونَ أن تموت. أتأملُ جسدي المكتظُّ بالذكريات ، فلا أجدُ بهِ ما يعبرُ عن هذهِ الحياة، أصنامٌ لا زالت تأكلُ قدميَّ كي لا أسير وأنتَ لا تزالُ أنا ! 




هذهِ الفلكُ تجري إلى ماضٍ لا يعود ، إلى طريق الرجوعِ المغلق، وهذا الوطن يُجامعُ أبناءهُ أمام ساحة الموتى ، لماذا تركتَ الحُصانَ دونَ أن يكشفَ عن وجههِ أيّها الماضي ، أرى جبلاً لا يعصمنا أرى أُحداً لا يتركُ مجازاً للإلتفافِ على الحقيقة، أرى حقيقةً لا تُؤمن بأن الرحمَ يفتكُ بالجنينِ المُنتظر، أيتها الشمسُ الحائرة بين العواصمِ الصامتة لا تقولي لهذا الصبحِ أن يرحل دونَ أن نتوضأ بالأمل، دونَ أن نغرفَ من ثورةِ الجوعِ ما يُسكت شهوةَ التهلكة فإن السماءَ تخون السماء.








المدينة المنورة

١٥ مارس ٢٠١٤

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق