السبت، 30 يونيو 2012

ظِّلال الحرف ، أم ضَلاله؟!



يسترقُ البعض من ظِّل الشجرة مأوى يمكثُ به ويأوي جسده ، ويقيه لهيب الشمس الحارقة في صدر الصيف الملتهب ، الذي لم يكتفي بإزدحام ساعاتهِ بأعمالها ، بل تكتمل فداحة أيامه بضيّقِ نفوس رواده، وقرم عقول مفكريه - إن وُجدوا- فيه، ذلك اللهيب الذي قد يُجفف العقول من أفكارها ، ويُخرج الفصاحة من لسانها ..


ومع كل ما مضى لن نلوم تلك الأفكار التي جفت ، والفصاحةُ التي خفّت ،فقط لأننا نعرفها حق المعرفة ولم تتبدل معانيها ، ولن ألومها على ما حرّف بعض أهلُها فيها فهم فعلوها من قبل وسيفعلونها ما طال الدهرُ من بعد وسيفعلونها ما داموا يجهلون ذواتهم ، ولايدركون سُبلهم ، وبهُتت غاياتهم ، وحارت بهم ظنّونهم، وسولت لهم ظلمةَ عقولهم تدنيس جنة الحروف، فاقتصوا ثمرها وجعلوها وكراً على فوهة بركان ، يُنفخُ فيه من أنفاس الشر ، ما يُذيب القلوب حزناً ، ويغتالُ العقولَ عسفاً، وما ذنبُك أيها الدهر ؟ فإن أهل الجهل إن أرادوا أن يفسدوا لن يتركوا مظلةً إلا بسطوا أيديهم فيها واكتظت أفكارُ الشر فيها. وأيّ كتابةٍ يُمارسون ؟! أتلك التتي تتراكب على التنميق وتستوحيّ كلماتُها من الغشِّ والخِداع ، والتدليسِ والتدنيس ، ويغضوا الأبصار عن الرؤى ، والبصائرَ عن الهُدى ، والعقولَ عن التفكير ، والقلوب عن التدبير ، كذبوا وما صدقوا ، ووعدوا وما أوفوا ، وتسموا بأسماءٍ ليست لهم ، واسترخصوا وطنهم ، وباءت سبلُهم ، قد ازروا هذه الأرجاء تزلُفا، وأغرقوا الصفحاتَ عُنفا، فلا همّ فادوا وما أفادوا ، تتهافت أقلامُهم على المديح ، وعناوينهم على الرديح ، وما يملكون لهذا الوطن من الرأيّ السديد.



اوقفوا كل هؤلاء المدّاحين ، لكل كلمةٍ الحق رداين ، إن هم إلا وباءًا ووبالا ، زادوا من سذاجةِ طَرحِهم فزاغت نواياهم عن الخير ، واستبدلوا الرسائل السامية ، بتقبيل الكتوف ، واستغلال الظروف ، لعلّنا نرى وطناً يُشرقُ من جديد ، وجيلاً يبني ، فقد بلغَ منا الصبر مبلغا ، ولم نعد نحتمل أكثر من ذلك فهم يأتون في كل عقد بنُسخٍ مُتشابهة تأكُل من خيرات هذا الوطن وتطعنُ في أبناءه ، ويخافون من ظّلِ حُكامه ، فيكتمونَ ما لا يُكتم ، ويذيعون ما لا يضر وينفع ، صدقوني يا أعزائي بعد أن ذلك لن تشعروا بغصةِ كل مساء وأنتم تتصفحون الجريدة .


الظهران

٣٠ جونيه ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق