الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

ليدومَ الصمتُ ..



نتصارعُ كل ليلة فوق مهد الظلام، يجذبُ كلٌ منا الآخر إلى ساحة القتال يبتزُ الصغيرُ صبر الكبير ، تتفاوت الأحجام والاستيعابُ واحد ، نجرُ أصواتنا للقاع وإرادتُنا للأرض نرمي دماءنا في الطريق كما نرمي مناديل السُعال لسلةِ المهملات ، نبتاعُ من انتصارات البشر عناويناً رخيصةً للنكوص ،ثيابُنا ساد فيها البلاء حتى انطفأت ملامُحُ هندامها وأصبحنا نُشبهُ اللاشيء .


لا نُصدق أن يُنجز الإنسانُ شيئاً حتى تنبري عبارات التشاؤم ونسدحُ أجسادنا للجلد فلا يبقى بيننا من عصا إلا وقد أدمتْ ظهور الحُلم فينا يرفعُنا ربُ البسيطة درجات وتحط ألسنتُنا وعقولنا منا درجات ، نستذكِرُ المجد لنقفَ على أطلالهِ دون أدنى حركة وندفنُ التاريخ في بئرٍ مهجور كيّلا يُنادي الضميرُ فينا ويقوم الماضي خطيباً لنا ويسألُنا فيما أمضينا مواعظُنا وفيما ضاعت دموعنا ولِمّا هجرنا ثقتنا العذراء وعن ماذا فعلنا بعقولنا وقد جاءها المخاض فعقرناها فبئسَ العاقرون نحنْ ، وطمسنا أجنحتها قبل أن تُرفرف في سماءِ الخلود.

لم أُصدق بالأمس وقبل الأمس الكم الهائل من التشاؤم الذي نحملُه والمؤسف جداً أننا نستخدم هذا الشؤم كمُخدرٍ لنا إذ نُلبِسُهُ صورَ الفكاهة الباليّة والعبارات المُستهلكة التي يغصُ منها القلب ويبلى منها البريق وينفرُ منها الحُر ويموتُ قهراً ذاك المُقيدُ أمامها.
نفتعل أيُّ شيءٍ كان لنغمُر من يُريدُنا أن نغرق في بحر الغفلة بفرحةٍ عارمة تتطايرُ منها ابتساماتُ نصرهِ ونحنُ نتبارز بسيفيه اللذين منحهُما لكلٍ منًا واضعاّ عليهما شعارهُ الممقوت ، وسُمّهُ الموبوءُ ليسنفذَ قوّانا كُلها وليُثبت أنهُ الأقوى والأمهر والأقدر على حفظ التوازن إذ ليس هُناكَ خاسرٌ في هذا القتال وليس لديه كذلك من ينتصر سواه! .


لنحفظ أقلامُ النزيهةُ في طياتِ القلوب لحيّنَ ينفلجُ الغمام ويحمرُ قمرَ الأوطان في مُحيا كلٌ منا ،فحبرُها أطهرُ من أن يسير في صفحات التاريخ المفقود والوقتُ الموءود فمرحباً بالصمت المُوشح بالنبوءات ونورُ المرسلين فمرحباً بالصمت الطاهر والسُكنةِ العذراء بعيداً عن بلاط السلاطين .

القانونُ لا يحمي المغفلين .. بقدر ما كُنتُ أمقُتُ هذه العبارة بقدر ما هي مُنصفة لهذا الحال مع بعض التعديل الطارئ على اللغة لا المعنى فإذا ما امتلك الطواغيت سيوفاً وزعوا منها ما يكفيّ لملئ ذخائرنا التي لا تعمل ولن تعمل إلا أمامَ مرآتنا ومن المُستحيلات أن يوجه حدُ السيف للجاني (الطاغوت) الأساسي في هذه اللُعبة فأصبحنا نُقاتِلُ كل شيء يتعلق بأنفُسنا ونبتاعُ النوايا الرذيلة لكي نخلُق أعداءً من سراب ..
لتبقى الكلمات التي نثرها الشاعرُ الخالد حيةً في صدورنا حتى الآن

وَحتّى الأمسِ ..
كُنّا نَلتَقي أذهانَنا سِـرّاً وَنَكتُمُ سِرَّنا هذا.. بِسـريَّهْ!
وكُنّا لو نَوَيْنا قَتْلَ بعضِ الوقتِ في تأليفِ أنفُسِنا تَشي بالنيَّةِ النيَّة
فَنُقتَلُ باسمِ نِيَّتِنا لأِسبابٍ جِنائيةْ
ونُقتَلُ مَرَّةً أخرى
إذا لم نَدفَعِ الدِيـة


المنامة
١٦ أكتوبر ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق