الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

في السماء


أحياناً كثيرة يكون السفر كفيلاً بغسل القلوب بمياه المُدن الطاهرة فالأرضُ الحية لا تأبه بما يُلقيه البشر عليها إذ أن خُطبتها للريح تجعل منها حرماً مُقدساً لا تقوى جبال القلوب على هزّه .


عندما أُحلق في السماء مغادراً تلك الأرض مُكللاً بالسفر الذي لم يترك لي صديق ولا وقتاً للبكاء سوى بضعُ دمعات أتركها على كوة النافذة في تلك الرحلة المُغادرة للاشيء ، إلى السفر اللامُنتهي إلى الحياة إلى مالا خلود إلى الذاكرة التي خلقت وهماً من اثنين القراءة والقلم إذ ما نظرت حولي وجدتهما يتبادلان المقاعد أما عيني التي قدم لها النوم استقالة حرة متى شاء لها القلب أم تعود ..
هُنا حيث السفر لا تعبر سوى ابتسامات ممتلئةُ بالترحيب المر من أفواه المسافرين توحي بأن كلٌ منهم يعرفُ إلى ما يرنو وأين يذهب أو يعود والقلبُ وحدهُ على متنِ طائرة الرحيل مُدله لا يدري أين يستقر أو يسكن إذ أن في كل مكانٍ وطأت قدمهُ يحتفظ بآخر ابتسامة غالباً تُهدى إلى الغُرباء وهو الذي لم يُدرك بعد بأنهُ .. غريب .

حين يتوسدُ السفر وجهي وتتوكأُ على مرفقيّ ملامحُ الإقلاعِ والهبوط ، ويدقُ ناموس الذكرى أن لا مفر ولا رفيقٌ آخر سوى الذكريات التي تركتها في سلة مُهملات العمر ومضيت تضربُ بالأرض وتختبئ بين سُحب السماء هارباً ومُنافحاً عن أملٍ جديد يعتنقُ السماء لا يعرفُ السير على الأرض موجهاً قبلتهُ نحو العنان .. أيّها الذكرى قاضي السماءُ بيدهِ كُل شيء لا تحسبي أن خلوتنا في السماء بعيدة عن عيون الملك المأمور فرفقاً بمسافر ينتظرُ الإشراق والنور



في السماء
٣١ أكتوبر ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق