الجمعة، 2 نوفمبر 2012

قهقهةٌ بصوتٍ مُنخفض

لولا خشية التسكع لقلت بأننا نبدو أكثر أناقة ومرحاً عندما نسير على الأرصفة أمام الساحل المملوءُ بالوقت والانتظار في ساعات الليل المُتأخرة .. فهنا لكَ أن تشعر كم من السعادة يسكنُ في قاع البحر وكم من السعادة يسكنُ على ضفافِ شفاتنا ويندفنُ في صدورنا ، كم من الضحك يُمكن أن يتعالى في ليلةِ تعبرُ خاصرة جدة الذكرياتُ فيها ويُمطرها الحنين ويتساقطُ الشعرُ كالشعرِ الحرير ..

بالرغم من كل شيء هي حواؤنا كما هي الأمُ ..
وأنشد من (الرخيف) أو (التخريف)
تبقى أماً وإن أُغتصبت ..
قلْ قد جاءها المخاضُ إلى شط الهوى ..
بل قلْ جاءتها الروحُ العامريةُ للمكوث ..
قلْ بل أنها مهبطُ الروحَ في صُحفِ النساء
سلّ عن دواكِ اليومَ فيها
أم حاصرتكَ سُحُبُ المخاض
سلّ عن بيعةِ العمرِ فيها
كيّف بل كيّف صانت عِرضها عن زمنِ اللقاحْ
يا موعودةَ الوحيّ المؤجلِ دمُكِ الضُحى
وأعتاقُ الربيع ..


إن الزوايا وإن كلّلها الهجرانُ فإنها عاشت لحظاتُ العناق وترّهاتُ العُشاق إنها عاشت قبل أن يلّدُ العشاقُ لنا شاعرا مغمورا، وآخرُ مابين مخمورٍ ومسحور ، وأديبٍ مشهورٍ لأدبهِ أحيانا ولقلةِ أدبهِ أحياناً أُخرىٰ وقبل أن يَخِيط الغُرباءُ أحياناً ثياباً للساكنينْ .. وقبل أن .. وأنّ تلدُ في صدري شمسُها الأخيره ..


ليومٍ في مساعِ الحيّ رتل
قصيدةَ النورِ
ها أنتَ من كُتبِ الهوى جئتْ
وفي كُتبِ السماءِ قرأت
مغمورٌ كلُ عاشقٍ، لم يسمعْ نداءَ الشوقِ فيكْ
مقبورٌ كلُ شعرٍ لم يرى النورَ فيكْ
يا وطناً للشمسِ
يا لُعاباً بالأمسِ غطىٰ
بارقةَ الهمسِ
إذ لُعابُ النهدين مزقَ وجهَ النسيمِ
واستضاء
فهلْ في لُعابِ الطفلِ رجسٌ
أو في التحامِ العشقِ ألمٌ
أو جمراً توقدَ للشقاء
هل في كتابهِ من نبأ القومِ زُبراً
إذ يسدلُ الموجَ أستارَ العُراة
ويستمدُ الثوبَ من عرَقِ النصيحْ
يا أرضُ ابلعيّ شوقَ الحالميّنَ
وقُبُلاتِ اللقاء
عاهدي كلَ عاشقٍ
ذاقَ طعمَ المساءَ .. بالبقاء
يا بقاء ..
يا بقاء ..


هي البسمةُ التي تُغني عين الرقيبِ عن النقيبِ تسكنُ أعماقَ أعماقُ الصِّبا وأعماقُ الدبور .. هديراً بليل كتنهدِ قبلاتِ العاشقين وآهاتُ تنفثُها أرواحُ المُحبين على صدور المُحبين .. لك أن تشعر بلا غياب فكلُ أنثى كانت هُنا ذاتَ يوم نزلتْ هُنا كما شاء لحواء أن تهبط هُنا .. هي تتنفسُ بالأمل وللأمل .. لا شيء يشفعُ لها للبقاء إلا صوت أصابعِ المُحب التي مرت على شفاهِ عذراء ذاقت ثورةَ الإحسانِ دون خضوع ..


لا بُد للقلمِ أن يصمت ويتركُ أنغامُ العاشقينَ تثور وحدها بأهلةِ الليل وضحكات الخلود .




جدة
٢ نوفمبر ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق