الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

فضاء



خلف ظلِّ النجم سرقَ لحظات ليغادر ماء الوجود وألغام الضباب ، صنع سُلمهُ السحري كيّ يصعد إلى شرفات السماء ويرى أضواء الأرض وظُلمات المدى المقتولِ على سفحِ الحقيقة .. كم من اللحظات التي ماتت على فوهة الانتظار تحت صرخات العابرين الذين تألهوا يوماً وتناسوا المحاق! ..


حين امتطى صهوتهُ الحرة وبدأ ينمازُ عن شفاهِ القمر مودعاً قُبلاتهِ الحارة ونافثاً عن كتفهِ دموعُ الوداع ، هناك خلف المدى لاصوتٌ يسمع ولا دماءٌ تسيل ولا ظلامٌ يسودُ ولا نشازُ في الحِداء ولا شحوبٌ في النظر خلع نعليه ورداءهُ الباليّ مؤزراً بالاشتهاء الذي طالما عاقرتهُ اللياليّ ومدادُ السبات ونعناعتهُ المسودة مذُ قطفتها الأولى ، مرآتُه كانت في أذيال الشهب وشرابهُ من ريق السحاب ومدامهُ صوت السكون الذي ينهمرُ بألحان اللاوجود تعرى للإمتثال إلى فطرتهِ الأولى تعرىٰ كما لم يزل وليداً للنجوم في ليلةِ عُمر بقُبلة أول شهابِ همىٰ على نجمةِ الصبح العذراء .. كانَ يرسم أشكالهُ الحرة وأجاد انحناءتهُ الجديدة في فضاءِ الهدوء ! .. كم كان بارداً مهدُ الفضاء في غياب الشمس وكأنهُ فراش عازبٍ لم تزرهُ عاشقته ولم يُمارس فوقهُ اللعب الخُرافي لم يذقُ على متنهِ قُبلةُ الشتاءِ الدافئة منها ولم يلعق لسانها في صيفهِ الذي حقنَ الدماء كان يعجبُ لهذهِ السماء كيف أنها تشبهُ أرضه وتصفُ وطنه ولكن ! .. هنا تظهرُ المعشوقة-الشمس- كل يوم أما في وطنهِ لاتظهرُ فاتنتهُ أبدا ... كان يبكي عجز أنفاسهِ عن نقل العراءِ السماوي حيثُ تتضحُ التفاصيل من أجسادِ الكائنات إلى أرضهِ المُلقاةُ تحت نجمةِ اللات التي سرقت ضوء النجوم الصادقة والأماني المُرهفة كان يقضي على اشتهاءاتهِ كلما نظر إلى النجوم كما كان يفعلُ في أرضهِ الحرة! .. وكما تعلمَ أن يغضَ الطرف عن كل الجمال ويأخذُ جرعات المسيارِ كما استوجب حالُ اللحىٰ ، لا يفهمُ شيئاً مما يُقالُ هناك ولا يُريد أن يفهم حتى لا يُغادرهُ الصداع ويمتلئ رأسُهُ بأصوات النشاز وصيحات الصخب التي ترنو إلى نعرات الظلام في أرضِ .. الظلام!


كان في وسط الرجاء والذكريات والأنين والبهجة كانَ مُحاطاً بالدموع ومُتماثلاً للرقصِ على موسيقاهُ التي دفنتها السنين العجاف في صدره المُر .. الذي لم تذقهُ عذراء الكهوف ولم تهزهُ أيدي الصبايا .. تتبادرُ الأشياءُ لذهنهِ ولكن فقدَ لهجة الإدراك .. فقط للإدراك!

المنامة
١٣ نوفمبر ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق